وثيقة غير سرية – وزارة الخارجية الأميركية رقم القضية ف-2014-20439
رقم الوثيقة C05794498 التاريخ: 30/11/2015
إن أفضل طريقة لمساعدة إسرائيل على التعامل مع القدرة النووية المتنامية لإيران هي مساعدة الشعب السوري على الإطاحة بنظام بشار الأسد.
لن تحلّ المفاوضات الرامية إلى الحد من البرنامج النووي الإيراني المعضلة الأمنية التي تواجهها إسرائيل. ولن تمنع إيران من تطوير الجزء الحاسم من أي برنامج للأسلحة النووية، أي القدرة على تخصيب اليورانيوم. وفي أفضل الأحوال، فإن المحادثات بين القوى العالمية الكبرى وإيران، التي بدأت في إسطنبول في شهر نيسان من هذا العام وستستمر في بغداد خلال شهر أيار، ستمكّن إسرائيل من تأجيل اتخاذ قرار بشأن شن هجوم على إيران، وهو قرار قد يؤدي إلى اندلاع حرب كبرى في الشرق الأوسط لبضعة أشهر.
قد لا تبدو معالم الارتباط بين البرنامج النووي الإيراني والحرب الأهلية في سوريا واضحة، ولكنهما في الواقع مرتبطَين أحدهما بالآخر. فبالنسبة إلى القادة الإسرائيليين، فإن التهديد الحقيقي المتمثل في إيران المسلحة نوويًا لا يتلخص في احتمال قيام زعيم إيراني مجنون بشن هجوم نووي إيراني غير مبرر على إسرائيل من شأنه أن يؤدي إلى إبادة البلدَين. بل إنّ ما يقلق القادة العسكريين الإسرائيليين حقاً ــ ولكنهم لا يستطيعون الحديث عنه ــ هو فقدان احتكارهم النووي، ذلك أن قدرة إيران على امتلاك الأسلحة النووية لن تنهي هذا الاحتكار النووي فحسب، بل قد تدفع أيضاً خصوماً آخرين، مثل المملكة العربية السعودية ومصر، إلى التحول إلى الأسلحة النووية أيضًا. والنتيجة ستكون توازناً نووياً هشاً حيث لا تستطيع إسرائيل الرد على الاستفزازات بضربات عسكرية تقليدية على سوريا ولبنان، كما تفعل اليوم. وإذا أوشكت إيران على أن تصبح دولةً نووية، ستجد طهران أنه من الأسهل كثيراً أن تدعو حلفاءها في سوريا وحزب الله إلى ضرب إسرائيل، وهي تعلم أن أسلحتها النووية ستشكّل رادعًا لإسرائيل إذا ردت على إيران.
فلنَعُد الآن إلى الحديث عن سوريا. إن العلاقة الاستراتيجية بين إيران ونظام بشار الأسد في سوريا هي التي تجعل احتمال تقويض إيران لأمن إسرائيل ممكنًا، ليس من خلال هجوم مباشر، وهو ما لم يحدث قط خلال الثلاثين عاماً من العداء بين إيران وإسرائيل، بل من خلال وكلائها في لبنان، مثل حزب الله، الذي تدعمه إيران وتسلّحه وتدرّبه عبر سوريا. ومن شأن نهاية نظام الأسد أن تضع نهايةً لهذا التحالف الخطير. والواقع أن القيادة الإسرائيلية تدرك جيداً لماذا أصبحت هزيمة الأسد الآن تصبّ في مصلحتها. ففي حديثه في برنامج أمانبور على شبكة سي إن إن الأسبوع الماضي، زعم وزير الدفاع إيهود باراك أن “الإطاحة بالأسد ستشكّل ضربةً كبرى للمحور المتطرف، وضربةً كبرى لإيران… إنها البؤرة الوحيدة التي يمكن أن يستغلها النفوذ الإيراني في العالم العربي… وستُضعِف من حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في غزة إلى حدّ كبير”.
لن يكون إسقاط الأسد بمثابة نعمةً كبرى لأمن إسرائيل فحسب، بل من شأنه أيضاً أن يحدّ من مخاوف إسرائيل المفهومة من خسارة احتكارها النووي. وعندئذٍ قد تتمكن إسرائيل والولايات المتحدة من تطوير وجهة نظر مشتركة حول متى يصبح البرنامج الإيراني خطيراً إلى الحد الذي قد يبرر العمل العسكري. وفي الوقت الحالي، فإن الجمع بين التحالف الاستراتيجي بين إيران وسوريا والتقدّم المتطّرد في برنامج التخصيب النووي الإيراني هو ما دفع زعماء إسرائيل إلى التفكير في شن هجوم مفاجئ إذا لزم الأمر، على الرغم من اعتراضات واشنطن. ومع رحيل الأسد، وعدم قدرة إيران على تهديد إسرائيل من خلال وكلائها، من الممكن أن تتفق الولايات المتحدة وإسرائيل على خطوط حمراء حين يتجاوز البرنامج الإيراني حدًا غير مقبول. باختصار، يستطيع البيت الأبيض أن يخفف من حدة التوتر الذي نشأ مع إسرائيل بشأن إيران من خلال القيام بالتصرف الصحيح في سوريا.
لقد مضى على الثورة في سوريا أكثر من عام. والمعارضة لن ترحل، والنظام لن يقبل بحلٍّ دبلوماسي من الخارج. ومع تعرّض حياته وحياة أسرته للخطر، فإن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها وحدهما كفيلان بتغيير رأي الدكتاتور السوري بشار الأسد.