إشكالية قبول فلسطين عضوا كاملا فى الأمم المتحدة!

المستشار حسن أحمد عمر*

أثر تقدم الجزائر بمشروع قرار إلى مجلس الأمن لصدور توصية منه إلى الجمعية العامة ، لقبول دولة فلسطين كدولة كاملة العضوية فى الأمم المتحدة، وهو ما يؤدى إلى تعديل مكانتها فى المنتظم الدولى، من مراقب إلى دولة كاملة العضوية، وقد وافق على مشروع القرار أثنتا عشرة دولة من أعضاء المجلس البالغ عددهم خمسة عشر، بينما امتنعت كل من المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت، ومع ذلك فقد أوقف الفيتو الأمريكى صدور مثل هذه التوصية باستخدام حق النقض, الفيتو. وفى نظرنا، رب ضرة نافعة، إذ خدم الفيتو الأمريكى القضية الفلسطينية من حيث أراد أن يضرها. كيف؟

مشروع قرار التوصية، فى الاعتداد بخطوط هدنة 1949 أو ما يسمى حدود 4 يونيو 1967 كحدود للدولة الفلسطينية، يتناقض مع توصية مجلس الأمن 69 لسنة 1949 بقبول دولة إسرائيل عضوا فى الأمم المتحدة بناء على قرار التقسيم 181 لسنة 1947، ويتعارض صراحة مع قرار الجمعية العامة رقم 273 لسنة 1949 المبنى على توصية مجلس الأمن المذكورة، حيث نص القرار على قبول إسرائيل كدولة عضو فى الأمم المتحدة، بمقتضى شروط، وهى المرة الأولى والوحيدة التى قبلت فيها الأمم المتحدة دولة عضو فيها بشروط. والشروط هى: أولاً: قبول وتنفيذ قرار الجمعية العامة 181 لسنة 1947 القاضى بتقسيم فلسطين إلى دولتين دولة فلسطين العربية ودولة إسرائيل اليهودية. وهى وحتى اليوم لم تحترم هذا القرار بل واحتلت معظم أراضى دولة فلسطين العربية. ثانيا: قبول وتنفيذ قرار الجمعية العامة رقم 194 لسنة 1948 بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم.. وقد قامت إسرائيل بإعادة مائة ألف من الفلسطينيين، إلى مناطق الخط الأخضر، كبادرة حسن نية من أنها تقبل تنفيذ القرار. وتبين ان المبادرة كانت مناورة، حيث توقفت بعدها عن تنفيذ القرار. ثالثا: احترام الوضع الخاص بمدينة القدس المتضمن فى قرار التقسيم 181 لسنة 1947. ولم تحترم هذا الوضع، بل انتهكته واحتلت القدس الغربية وأقامت فيها دواوين حكومية، الأمر الذى اضطر معه مجلس الوصاية ان يصدر تنديدا بهذا العدوان. رابعا: احترام ميثاق الأمم المتحدة. وحتى تاريخه لم تحترم مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة. كما ان مشروع القرار الجزائرى بتحديد حدود دولة فلسطين بخطوط الرابع من يونيو 1967 ينال من قرار الجمعية العامة رقم 3236 فى 22 نوفمبر 1974 الذى أكد الحقوق الثابتة لشعب فلسطين غير القابلة للتصرف، وخصوصاً الحق فى تقرير مصيره دون تدخل خارجى. الحق فى الاستقلال والسيادة الوطنيين، والحق فى العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التى شردوا منها واقتلعوا منها، وتطالب بإعادتهم، وهذا القرار الأخير تم تدعيمه بصدور قرار الجمعية العامة رقم 3376 لسنة 1975 والقاضى بتشكيل اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطينى لحقوقه غير القابلة للتصرف، من أجل صياغة برنامج لتمكين الشعب الفلسطينى من ممارسة حقه غير القابل للتصرف فى تقرير المصير والاستقلال الوطنى والسيادة وحق اللاجئين الفلسطينيين فى العودة. وكذلك ينال مشروع القرار الجزائرى من إعلان الجزائر لعام 1988 والذى أصدره المجلس الوطنى الفلسطينى المنعقد فى الجزائر، بقيام دولة فلسطين على أساس قرار التقسيم 181 لسنة 1947 .

لذلك وجب على منظمة التحرير الفلسطينية، وجامعة الدول العربية، ان تعيدا تقديم الطلب لقبول دولة فلسطين عضوا فى الأمم المتحدة بموجب قرار التقسيم 181 لسنة 1947، وهو ما أكدته وأيدته محكمة العدل الدولية فى فتواها بشأن الجدار العازل لعام 2004، وهى الفتوى التى لم يتم تفعيلها والاستفادة منها حتى اليوم.

وأنصح المنظمة والجامعة، بان يسبق تقديم الطلب بقبول دولة فلسطين عضوا فى الأمم المتحدة، أن تبادرا فورا بتقديم مشروع قرار بصدور توصية من مجلس الأمن إلى الجمعية العامة بتعديل مكانة إسرائيل من دولة عضو فى الأمم المتحدة إلى مراقب فحسب، وذلك حتى تقوم بتنفيذ الاشتراطات التى نص عليها قرار الجمعية العامة 273 لسنة 1949 بقبولها عضوا فى المنظمة الدولية، وفى حال استخدمت أمريكا حق النقض ضد مشروع التوصية، يتم العرض على الدورة الاستثنائية العاشرة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة, منعقدة بصيغة الاتحاد من أجل السلام منذ عام 1997 وحتى اليوم، وذلك لما لها من اختصاصات مجلس الأمن بصدور التوصيات التى عجز عن إصدارها بسبب الفيتو الأمريكى، حال ان عدم صدور تلك التوصية تعد تهديدا للسلم والأمن الدوليين، من قبل دولة مارقة، تحاكم أمام الجهاز القضائى للأمم المتحدة – محكمة العدل الدولية – بتهمة ارتكاب جريمة إبادة الشعب الفلسطينى إبادة جماعية، وتعد مرتكبة لجرائم الإرهاب الدولى المنصوص عليها فى الاتفاقية الدولية لمناهضة خطف الرهائن نيويورك 1979، حيث إن قيام قوات الاستعمار الاسرائيلى بعدوانها على غزة والمقاومة الفلسطينية بغية تحرير الرهائن لدى الفصائل الفلسطينية، يتعارض كلية مع حكم المادة 12 من الاتفاقية، والتى لا تعطى الحق لقوات الاستعمار بتحريرهم بالقوة المسلحة، وإنما تحريرهم يتم فقط بطريق التفاوض والمساعى الحميدة، مقابل منح الفلسطينيين حقوقهم غير القابلة للتصرف.

———————

◙ الخبير فى القانون الدولى

مواضيع ذات صلة: