أحلام بيضون
قاد الحقد والجبن والغباء، مسؤولي الكيان العنصري، إلى ارتكاب أفظع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني في غزة، الامتداد الجغرافي المحاصر بين البحر والعدو. حول العدو أبنية القطاع ركاما، وبما ان الأبنية هي عبارة عن بنايات تتجاوز احيانا كثيرة العشرة طوابق، حول ذلك القطاع ذو الارض المسطحة إلى تلال من الحديد والباطون المسلح وأغراض البيوت العازلة.
نذكر ذلك لنبين مدى أهمية ما حصل، رغم بشاعته، للمقاتلين الذين كانوا قد هيأوا للدفاع عن أنفسهم، وبدء معركة تحرير وطنهم أنفاقا في باطن الأرض، على أعماق مختلفة تصل أحيانا إلى ٢٠ مترا، وربما أكثر.
كوّن الركام فوق تلك الأنفاق حماية لها، وزاد في عمقها، في حين شكل ذلك تضاريسا تمكن المقاتلين من الاختباء والتنقل بين الدشم، بشجاعة الٱسود وخفة النسور.
خدم كل ذلك الفتيان الشحعان، ثابتي الإرادة والعزيمة من مختلف أطراف المقاومة، فاستطاعوا أن يستمروا بالمقاومة والقتال، وسيستمرون إلى ما شاء الله.
جبان منقطع النظير، يتجنب العدو المجرم أي مجابهة مباشرة وأي قتال مباشر، ويلجأ إلى القصف من بعيد بأكثر أدوات القتل والتدمير، التي تزوده بها آلة الهيمنة الأميركية، التي نصّبت نفسها آمرة وناهية، بل مالكة للكرة الأرضية، تتحكم بشعوبها وتستغل مواردها. أدوات التدمير والقتل تلك كان ضحاياه المدنيين بشكل رئيسي، خاصة الأطفال والنساء، فقد راحت تحصد الأرواحواابريئة، من ناحية لأن في منهجية العدو ضرورة التخلص من الشعب الفلسطيني بحكم طبيعة الكيان الغريب العنصري الاحتلالي الإحلالي، غير الواثق من إمكانية استمراره في المنطقة، ومن ناحية ثانية كي تعلن أمام الملأ أن عملياتها العسكرية تأتي أكلها. وبما أن الشعب الفلسطيني في غزة أقسم ألا يترك وطنه، فقد كان من نصيب هذا الشعب أن يكون ضحية ٱلة الإجرام الصهيوني، ما حرك ضمائر الأحرار عبر العالم مستنكرين، رافضين لإجرام العدو، ومعلنيين مساندتهم لحقوق الشعب الفلسطيني، ما قلب المعادلة التي كانت سائدة، والتي كانت تصور إسرائيل كواحة تقدم وحضارة في وسط عالم عربي متخلف. لقد أدرك العالم أن الصهاينة الذين احتلوا فلسطين ما هم إلا عصابة من القتلة المجرمين، المجردين من أي حس إنساني، ما جعل الكيان العنصري يصبح منبوذا إلا من قلة من عديمي الضمير.
إن هذه الصورة المماثلة اليوم تبشرنا أن الكيان هو زائل لا محالة، فإن أبناء فلسطين الذين تعرضوا لما تعرضوا له من إجرام وانتهاك لحقوق الإنسان، لا يمكن إلا أن يكونوا مقاتلين ومصرين أكثر من ذي قبل على التحرر، وقد أكد لنا التاريخ أن حالات الاستعمار لا تنتهي إلا بانتصار الشعوب، وإن ذلك اليوم لقريب.
وهكذا نرى إن ثلاثة صفات هي الحقد والجبن والغبار قاد قادة المجرم أكثر من أي وقت مضى إلى مصيره المحتوم وهو الزواج الكامل.
إحلام بيضون
بيروت، في ١٨/٨/٢٠٢٤