على أهمية اليوم التالي لنتنياهو… المسألة أبعد وأعمق

16:24 2024-09-13
بقلم: رامز مصطفى
أمد/ منذ انتهاء الصفقة الأولى لتبادل الأسرى وتمديدها، رئيس حكومة كيان العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو ومن موقعه يعمل بكل ما يملكه من صلاحيات في تعطيل وإفشال كل الجهود والمساعي المبذولة لوقف حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش كيانه على شعبنا الفلسطيني، عبر صفقة تحقق وقف تلك الحرب المجرمة الدائرة منذ أحد عشرة شهراً. وفي التقييمات والتحليلات لهذا التعنت والرفض الذي يتعمده نتنياهو ومن خلفه حكومته الفاشية في التوصل إلى صفقة تنهي تلك الحرب الإجرامية وتلك المجازر المرتكبة بحق شعبنا في قطاع غزة وتالياً في الضفة الغربية، وفي مقدمة تلك المبادرات مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي قيل عنها أنها في الأصل بنيت على أفكار تقدم بها نتنياهو بذاته.
تلك التقييمات والتحليلات قامت في مجملها على تقدير خاطئ أو مجزوء، مفاده أنّ نتنياهو من يقف خلف تعنته ورفضه وقف الحرب وفق مبادرة بايدن، أنه في اليوم التالي لتوقف الحرب، الحياة السياسية له ستنتهي إلى غير رجعة، وهو ما سيقوده إلى السجن على خلفية ملفه القضائي المتعلق بالفساد والرشاوي هو وزوجته. وأيضاً يخشى انهيار ائتلافه الحكومي بسبب خشيته من حليفيه سموريتش وبن غفير اللذان هدداه في غير مرة خروجهما من الحكومة إذا ذهب للقبول بصفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب على قطاع غزة. ما ذهب إليه الكثير من المراقبين والمحللين وحتى النخب داخل الكيان وخارجه صحيح، ولكن هذا يفتقر إلى فهم حقيقة نتنياهو وخلفيته الأيديولوجية التي بنى على أساسها تلك المواقف والروئ التي تمكنه من تحقيق ما عمل ويعمل عليه في تصفية القضية الفلسطينية وعناوينها الوطنية.
نتنياهو وقبل حلفائه في الائتلاف الفاشي لا يريد وقف الحرب من خلفية ما سبق، وهو يعمل بكل قوة على استمرارها. لأنه يجد فيها فرصة على الرغم أنه لم يحقق أياً من الأهداف التي أعلنها في بداية حرب الإبادة سوى القتل والدمار. فمن تسنى له فرصة قراءة كتاب “مكان بين الأمم” الذي ألّفه نتنياهو عام 1996، يُدرك جيداً حقيقة ما يعمل عليه بهدف تحقيقه. وبتقديري وبغض النظر عما نلتزم به من موقف معادي لهذا الفاشي والنازي نتنياهو، إلاّ أنّنا نراه منسجم مع رؤيته تماماً ولم تُجبره أو تُغرهِ اتفاقات التطبيع الإبراهيمي مع العديد من الأنظمة العربية أن يغادر أو يتخلى عما جاء في كتابه على الإطلاق، بل شجعته أكثر وأكثر أن يذهب لتنفيذ ما جاء في مضمون ما جاء في كتابه، الذي نورد بعضاً من عناوينه المتصلة مباشرة بالأحداث والتطورات التي يشهدها قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس. وتلك المتعلقة بالمتخيل لديه عن إمكانية اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه والنفاذ إلى تحقيق الوطن البديل.
فقد تناول بنيامين نتنياهو في كتابه “مكان بين الأمم” عناوين من أهمها الدولة الفلسطينية والضفة الغربية والقدس، والأردن والوطن البديل. ما يتعلق برؤية نتنياهو عن الدولة الفلسطينية، فهي تتعارض كلياً مع السعي لتحقيق ما أسماه “السلام الحقيقي”. ويبرر أن وجودها يضمن حالة من عدم الاستقرار ونزاع مستمر، سيؤدي إلى حرب حتمية. ويرى نتنياهو أنّ على الفلسطيني الذي اختار العيش في الضفة، عليه الاعتراف بأنه سيكون أقلية في منطقة خاضعة لسلطة ما يسمى “الدولة اليهودية”، ولا يحق له المطالبة بدولة فلسطينية ثانية في الضفة. وعن الضفة الغربية جاءت رؤية نتنياهو، أنّ الدول العربية تمتلك مساحات كبيرة تبلغ 500 ضعف مساحة كيانه الغاصب. وبالتالي المطلوب منهم التنازل عن أربعة أجزاء من عشرة آلاف جزء يسيطرون عليه، وبموجبه يجب التنازل عن الضفة الغربية “قلب الوطن اليهودي القومي، والسور الواقي”. ودعا إلى السيطرة الكاملة على مصادر المياه، ومنع إقامة أية سيادة أجنبية على هذه الضفة. والدعوة بضمان سيطرة الكيان الكاملة على غور الأردن بهدف منه أي هجوم من الشرق. وفيما يتعلق بالقدس فنتنياهو وصفها بمركز الطموح للشعب اليهودي في سبيل العودة إلى أرضنا وبعثها من جديد. لذا لا يجب أن يُطلب منا التفاوض بشأن أي جزء من القدس ولا يجوز مطلقاً الموافقة على المساس بالمكانة السيادية في القدس أو تقسيمها. ويجب تعزيز حلقة الاستيطان اليهودي حول المدينة للحؤول دون مواجهتها من خلال تجمعات سكانية غريبة. وعن اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه والنفاذ إلى تحقيق الوطن البديل على حساب الأردن. فقد كتب بوضوح تام لا لبث فيه، أنّ أرض الانتداب كبيرة لد\رجة تجعلها قادرة على استيعاب دولة يهودية صغيرة، ودولة أكبر لعرب فلسطين، تلك التي تُدعى الأردن. وعليه الحل يتمثل في إقامة دولة يهودية للشعب اليهودي المقيم غرب الأردن. ودولة عربية للشعب العربي المقيم بمعظمه شرقي النهر. ويخلص، بأنّ الأردن هو الدولة الفلسطينية، إنما هو تعريف لوضع قائم فعلاً. وليس هناك من دعوة إلى قيام عملية أو استبدال نظام حكم في هذه الدولة.
مما تقدم فإنّ نتنياهو وجوقة مُركب حكومته الفاشية في طليعتها بن غفير وسمورتيش، إنما يديرون حرب الإبادة سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية من خلفية ما انتهى إليه نتنياهو عن مفهومه لما يُسمى “السلام” في كتابه ” مكان بين الأمم”، بأنّ السلام الذي يستطيع الكيان توقعه الحصول عليه من العرب هو سلام الردع فقط. أي تسويات سلمية منوطة بقدرة الكيان على ردع الطرف الثاني عند خرق هذه التسويات وشن حرب عليه. أليس هذا ما يجري على أرض الواقع، ولكن ليس من الضروري أن تجري سفن الكيان الصهيوني بما تشتهيه رياح نتنياهو وحكومته الفاشية النازية، والأيام حُبلى بقادمات ما يحمله تلك الأيام.

مواضيع ذات صلة: