يُتوقع أن يقدم المستشار الخاص المُعين من قبل وزارة العدل، جاك سميث، وثائق جديدة هذا الأسبوع يقترح فيها كيفية سير قضيتين جنائيتين فيدراليتين ضد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
ومع اقتراب شهر نوفمبر/تشرين الثاني، سيعتمد شكل القضايا القانونية المقامة ضد ترامب اعتمادًا كبيرًا على نتيجة الانتخابات الرئاسية.
سيناريوهان
في حال خسارة ترامب في الانتخابات الرئاسية، ستستمر الدعاوى القانونية كما هي، وستمضي المحاكمة قدمًا دون أن يشكل منصب الرئيس الأميركي السابق أي عائق.
ومن المقرر أن تنتقل القضية الفيدرالية المتعلقة بمحاولة ترامب قلب نتيجة انتخابات 2020 إلى المحكمة في وقت ما بعد يوم الانتخابات، فيما ستنظر محكمة الاستئناف في إمكانية إعادة القضية الفيدرالية الثانية، والتي يُتهم فيها ترامب بسوء التعامل مع وثائق البيت الأبيض، بعد أن أسقط قاضٍ عيّنه ترامب التهم الموجهة له.
كما من المقرر أن تستمر محاكمة الرئيس الأميركي السابق في قضيته الجنائية في مانهاتن في محكمة محلية، وقد يُنفذ أي حكم يصدر ضده. وتمضي قضيته في جورجيا المتعلقة بمحاولة قلب نتائج انتخابات 2020 قدمًا ببطء نحو المحكمة.
ولا يمكن أن تنتقل القضية التي يواجهها ترامب في جورجيا إلى المحكمة حتى العام المقبل على أقرب تقدير، إذ يتعين على محكمة الاستئناف أولًا البت في مسألة ما إذا كان يجب استبعاد المدعية فاني ويليس. ولن يُنظر في هذا الأمر حتى ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وفي المقابل، يُعد فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية بمثابة شهادة وفاة لقضاياه الجنائية في المحاكم الفيدرالية. ويُرجح أن يؤجل فوز ترامب تأثير القضايا التي يواجهها في محاكم محلية إلى ما بعد مغادرته البيت الأبيض، لكنه لن يوقفها بشكل مباشر.
كما يُتوقع أن يُعين ترامب مسؤولين في وزارة العدل يساعدونه على إسقاط التهم الموجهة ضده في قضية الانتخابات الفيدرالية وإيقاف الاستئناف في قضية المستندات الفيدرالية، وذلك بناءً على تقارير تشير إلى أنه يخطط لتعيين الموالين له في الوزارة.
ولا يمكن لفوز ترامب أن يمحو إدانته في محكمة ولاية نيويورك بتزوير سجلات تجارية، لكنه يتيح إمكانية تأجيل تنفيذ أي حكم يصدر ضده إلى ما بعد مغادرته المنصب، وذلك بسبب الصعوبات اللوجستية المرتبطة بفرض عقوبات، مثل السجن أو قيود السفر، على رئيس حالي.
وقال محامو ترامب بالفعل إنهم سيحاولون منع وصول قضية جورجيا إلى المحكمة إلى ما بعد مغادرة ترامب البيت الأبيض؛ إذا أعيد انتخابه، نظرًا إلى التحديات المرتبطة باضطراره إلى المثول أمام المحكمة كل يوم. ولكن ما يزال يتعين الانتظار لمعرفة ما إذا كانوا سينجحون في ذلك.
مصير القضايا
سيواصل المدعون الضغط على القضاة لإبقاء كلتا القضيتين الجنائيتين الفيدراليتين المرفوعتين ضد ترامب قيد النظر هذا الأسبوع، حتى وإن كانت نتيجة الانتخابات ما تزال غير متوقعة.
ويُتوقع أن يقدم سميث استئناف الحكومة في قضية المستندات الفيدرالية غدًا، الثلاثاء، والذي سيعارض قرار القاضية أيلين كانون الذي يسقط التهم بناءً على ادعاء بأن سميث تم تعيينه بشكل غير قانوني.
وربما توضح الوثائق التي سيقدمها سميث ما إذا كانت الحكومة ستطلب من محكمة الاستئناف استبعاد كانون من القضية إذا أُعيدت إلى المحكمة، بحسب المدعية العامة السابقة، جويس فانس. وتعرضت القاضية المعينة من قبل ترامب لانتقادات بسبب إصدار أحكام تصب في صالح الرئيس السابق.
وسيحدد سميث ومحامو ترامب الجمعة المقبلة كيف يريدون المضي قدمًا في قضية الانتخابات الفيدرالية، إذ بدأت القضية للتو في التقدم مرة أخرى في المحكمة الجزئية بعد أن ضيقت المحكمة العليا نطاق التهم التي يمكن توجيهها إلى ترامب.
ويُتوقع أيضًا صدور قرار قريبًا في قضية ترامب في مانهاتن بشأن إمكانية تأجيل الحكم على الرئيس السابق. ويرى ترامب أن الحكم، الذي من المقرر حاليًا أن يصدر في 18 سبتمبر/أيلول المقبل، يجب تأجيله حتى بعد الانتخابات.
ماذا سيحدث إذا حُكم على ترامب بالسجن؟
لم يتأكد بعد ما إذا كان ترامب سيواجه حكمًا بالسجن في قضيته في مانهاتن، حيث أُدين بـ34 تهمة جنائية. ويعتقد خبراء قانونيون أن احتمال حصول ترامب على حكم بالسجن كأول مخالفة له هو أمر غير مرجح، لكنه ليس مستحيلًا.
وفي حال تلقيه حكمًا بالسجن عند فوزه بالانتخابات أو تنصيبه، فلا يوجد ما يمنعه من شغل منصب الرئيس، حتى وإن كان لا يزال مسجونًا في يوم التنصيب.
وبالنظر إلى التحديات اللوجستية التي قد تطرأ، فمن المرجح أكثر أن يُؤجل تنفيذ حكم السجن على ترامب إلى ما بعد مغادرته المنصب.
كما يمكن لترامب رفع دعوى لإطلاق سراحه من السجن بزعم أن السجن يتعارض مع واجباته الرئاسية، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.
هل يستطيع ترامب إقالة جاك سميث؟
قال ترامب إنه يود فصل سميث من منصب المستشار الخاص إذا أعيد انتخابه، وهو ما سيكون ضروريًا على الأرجح لتتمكن وزارة العدل التي يسيطر عليها ترامب من إسقاط التهم الموجهة إليه.
وفي حال فوزه بالرئاسة، لن تكون لترامب صلاحية مباشرة لإقالة سميث، إذ لا يمكن إقالة المحققين الخاصين إلا من قبل المدعي العام.
ويُتوقع أن يكون أي مدعي عام يعينه ترامب على استعداد لإقالة سميث، رغم أن القواعد الفيدرالية تنص على أن المستشارين الخاصين، الذين يُفترض أن يكونوا مستقلين، لا يمكن فصلهم إلا “لأسباب تتعلق بسوء السلوك، أو الإهمال في أداء الواجب، أو العجز، أو تضارب المصالح، أو لأسباب أخرى مشروعة”.
ويحق لسميث الطعن في قرار فصله أمام المحكمة، ولكن من غير الواضح ما إذا كان سينجح في ذلك، خاصةً في المحكمة العليا ذات التوجه اليميني.
وقد يمنح حكم القاضية كانون، الذي يعارضه خبراء قانونيون ويزعم أن المستشار الخاص عُين بشكل غير قانوني، وزارة العدل في عهد ترامب دعمًا إضافيًا لإقالة سميث.
هل يستطيع ترامب العفو عن نفسه؟
لن يتمكن ترامب من إلغاء إدانته في مانهاتن إذا فاز في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل؛ لأن تلك القضية كانت في محكمة ولاية، والرؤساء لا يمكنهم العفو عن التهم في قضايا الولايات.
وتُعد إدانة ترامب في أي من قضيتيه الفيدراليتين قبل توليه المنصب أمرًا مستبعدًا للغاية. وإذا حدث ذلك، فستظل مسألة ما إذا كان بإمكان الرؤساء العفو عن أنفسهم محل تساؤل قانوني.
وسبق لوزارة العدل أن أصدرت مذكرة قانونية في عام 1974، قبل استقالة ريتشارد نيكسون مباشرة، تفيد بأن الرؤساء لا يمكنهم العفو عن أنفسهم، إلا أن هذه المذكرة غير ملزمة قانونيًا. وإذا حاول ترامب العفو عن نفسه، فمن المرجح أن يُحسم النزاع في نهاية المطاف أمام المحكمة العليا.
ما هو تأثير حكم الحصانة الصادر عن المحكمة العليا؟
قضت المحكمة العليا في يوليو/تموز الماضي بأنه لا يمكن توجيه تهم جنائية لترامب أو غيره من الرؤساء السابقين بناءً على “أفعالهم الرسمية” في أثناء توليهم المنصب، ولكن يمكن محاكمتهم عن الأفعال التي تقع خارج نطاق واجباتهم الرسمية.
ولم يتضح بعد تأثير هذا القرار في القضايا التي يواجهها ترامب، والذي يحاول التهرب من الحكم الصادر بحقه في مانهاتن بالادعاء بأن الحكم الصادر ضده يجب أن يُلغى، مشيرًا إلى أن بعض الأدلة المُستخدمة في المحاكمة محمية بموجب حكم الحصانة الصادر عن المحكمة.
ومن المقرر أن يصدر القاضي خوان ميرشان حكمه بشأن ذلك في 16 سبتمبر/أيلول المقبل. وفي قضية الانتخابات الفيدرالية، ستحتاج القاضية تانيا شوتكان أيضًا إلى تحديد كيفية تأثير حكم الحصانة على نطاق التهم قبل أن تبدأ المحاكمة.
ورغم رفض قضية الوثائق الفيدرالية المُقامة ضد ترامب، من المحتمل أن يقدّم الرئيس السابق مطالبات بالحصانة إذا أُعيد توجيه التهم.
وسبق أن زعم ترامب أنه ينبغي أن يتمتع بالحصانة لأنه “رفع السرية” عن الوثائق في أثناء وجوده في المنصب. ويُرجح أيضًا أن يدّعي ترامب الحصانة في قضيته في جورجيا بمجرد أن تبدأ مرة أخرى.
أول رئيس
يُعد ترامب أول رئيس حالي أو سابق يواجه تهمًا جنائية. ووُجهت جميع لوائح الاتهام له العام الماضي بعد أن كان قد ترك المنصب.
ولم تصل أي من القضايا التي يواجهها ترامب إلى المحكمة حتى الآن باستثناء قضيته في مانهاتن، إذ تمكن ترامب من تأخير إحالة قضاياه الجنائية إلى المحاكمة قبل الانتخابات.
توقفت قضية الانتخابات الفيدرالية لعدة أشهر بينما كانت المحكمة العليا تدرس مسألة الحصانة. كما أبطأت القاضية كانون إصدار عدد من الأحكام في قضية الوثائق، وأجلت موعد المحاكمة المُحدد في مايو/آيار الماضي إلى أجل غير مسمى قبل أن تسقط التهم تمامًا.
وكان المدعون يستهدفون في البداية إحالة قضية ترامب في جورجيا إلى المحكمة في أغسطس/آب الجاري، قبل أن يتسبب النزاع حول استبعاد المدعية فاني ويليس في تعثر القضية.
ودفع ترامب بأنه غير مذنب في جميع التهم الموجهة إليه، ووصف قضاياه الجنائية على نطاق واسع بأنها “مطاردة ساحرات” تهدف إلى الإضرار به في الانتخابات.