لجأ العدوّ الصهيونيّ كعادته إلى الأسلحة المحرّمة دوليّاً في لبنان كما في غزّة، بعد أن تكسّرت محاولاته الدخول الى الأراضي اللبنانية وتكبّد من الخسائر ما لم يتوقّعه ولا يتحمّله. وهذه الأسلحة يوجّهها ضدّ المدنيّين لأنّه يعرف أنّها لن يكون لها مفعول تُجاه المقاتلين المدرّبين المتيقّظين. ومن هذه الأسلحة:
القنابل العنقوديّة: وهي قنابل كبيرة تحتوي على عدد كبير من القنابل الصغيرة (القنيبلات)، وتستخدم ضدّ العربات المدرّعة والأشخاص، ولإضرام الحرائق.
يمتلك الكيان الصهيونيّ القنابل العنقوديّة الأميركيّة من نوع CBU-87/B، التي طوّرها، وتزن القنبلة الواحدة منها 430 كيلوغراما وتحمل قنيبلات من نوع BLU-97/B، وهذه القنيبلات، وعددها 202، هي أسطوانات صفراء اللون طولها حوالي 20 سم، وقطرها 6 سم؛ وتحتوي الواحدة منها على ما يأتي:
– شحنة متفجّرات خاصّة لخرق الآليات حتّى التي يصل تدريعها إلى 17 سم
– عبوة معدّة بحيث تتفتّت إلى حوالي ثلاثمائة شظية بعد الانفجار. ويصل شعاع المساحة التي يغطيها انفجارها إلى 76 مترًا.
– حلقة من الزركون الحارق لإشعال النيران.
إنّ معدّل فشل القنيبلات يصل إلى حدود 40%، فيبقى في الأرض كثير منها كألغام قد تنفجر بعد سنوات، وتصيب من يلامسها؛ ويُعد الأطفال أكثر عرضة للإصابة بها لأن هذه القنابل قد تشبه لعبة صغيرة ينجذب إليها الأطفال ويمسكونها بدافع الفضول.
قنابل الفسفور الأبيض
هذه القنابل هي عبارة عن مادّة سامة شمعيّة تحتوي الفوسفور الأبيض الذي يتفاعل مع الأوكسجين بسرعة عند التماس مع الهواء، يحترق بشدة ومن الصعب إطفاؤه؛ ويتسبّب بحروق من الدرجة الثانية والثالثة. وقد يُمتَصّ بسهولة عبر الجلد ويسري إلى بقية الجسم، ويسبّب أعراضًا خطيرة تصل إلى الوفاة بسبب الأضرار التي تلحقها بالكلى والكبد والقلب.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنّ القوات الإسرائيليّة استخدمت الفسفور الأبيض في عمليّات عسكرية نفذتها في لبنان يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
في القانون
يمنع القانون الدوليّ الإنسانيّ استهداف المدنيّين وبقضي بالتمييز بينهم وبين المقاتلين ويأمر بتلافي أي هجوم من شأنه أن يؤدّي إلى خسائر مدنيّة.
ثمّ إنّ “اتّفاقيّة حظر أو تقييد استعمال أسلحة مفرطة الضرر أو عشوائيّة الأثر” لسنة 1980، تمنع إلقاء هذه الذخائر، لا سيّما بين المدنيّين. وقد صادق الكيان الصهيونيّ على هذه الاتّفاقيّة بتاريخ 22/3/1995.
القنابل العنقوديّة
إنّ البروتوكول الخامس (13/11/2006) بشأن المتفجّرات من مخلّفات الحرب، الملحق باتّفاقيّة 1980، الذي “يقتضي من أطراف النزاع اتّخاذ التدابير اللازمة للحدّ من المخاطر التي تطرحها المتفجّرات من مخلّفات الحرب”، كالذخائر التي استُخدمت فعلًا أو أطلقت أو ألقيت… ولم تنفجر”، إنّما يحرّم استخدامها خاصّة بين المدنيّين.
كما أنّ معاهدة دبلن عام 2008، التي وافق عليها ما يزيد على 124 دولة، حظرت استعمال الذخائر العنقوديّة، وكذلك إنتاجها وتخزينها ونقلها. ولكنّ دولًا كثيرة، منها الكيان الصهيونيّ، لم توافق عليها.
لكنّ القانون الدوليّ الإنسانيّ العرفيّ الملزم لكافّة الدول، قضى في القاعدة 11 بأن: “تحظر الهجمات العشوائيّة”.
الفوسفور الأبيض
“يمنع البروتوكول الثالث الملحق ب”اتّفاقيّة الأسلحة التقليديّة مفرطة الضرر وعشوائيّة الأثر”” لسنة 1980، استخدام الأسلحة الحارقة، والأسلحة المحرقة هي تلك المصّممة في المقام الأوّل من أجل إشعال النار في الأشياء أو التسبّب بالحروق للأشخاص بفعل اللهب أو الحرارة، مثل النابالم وقاذفات اللهب… ويُحظر في جميع الظروف استعمالها ضدّ المدنيّين. كما يُحظر جعل أيّ هدف عسكريّ يقع داخل تجمّع للمدنيّين هدفاً لأسلحة محرقة تُطلق من الجوّ.
إنّ العدوّ الصهيونيّ يستهتر يأرواح الأبرياء، فيتسبّب بحرقهم بالفوسفور الأبيض، كما يعرّضهم ويعرّض أطفالهم لأخطار القتل وبتر الأطراف بالذخائر التي ينشرها بواسطة قنابله العنقوديّة بين المساكن وفي الحقول والمراعي.
أن هذه الارتكابات المدعومة من قبل ما يسمّى “المجتمع الدولي”. أي الدول الاستكباريّة والإمبرياليّة، يجب أن تدان بشدّة من قبل كلّ من يمتلك حسًّا إنسانيًّا، كما يجب على كلّ الأحرار والشرفاء في العالم، وخاصّة في الغرب، أن يقفوا في وجه هذا العدوّ المتوحّش وداعميه ومشجّعيه من المنافقين في حكوماتهم، الذين يمدّونه بآلة القتل والإجرام، التي يسحق بها الأطفال والنساء والشيوخ في بلادنا.
إنّ كافّة المؤسّسات الحقوقيّة في العالم العربيّ والإسلاميّ وفي العالم مدعوّة لاستنكار هذه الجرائم الخطيرة ورفع الدعاوى في المحاكم، حيث تتوفّر الصلاحيّة، ضدّ مرتكبي الجرائم من القادة الصهاينة ليسنالوا الجزاء المناسب.
وإنّ على مجلس حقوق الإنسان ومنظّمة الأمم المتّحدة للطفولة (واليونيسيف) ومنظّمة الصحّة العالميّة أن تتحرّك لمجابهة هذه الهجمة البربريّة التي يشنّها العدوّ الصهيونيّ على الأبرياء العُزّل.
كما أنّ على مجلس الأمن أن يقوم بواجبه لردع هذا العدوّ المجنون الذي يهدّد بجرائمه كلّ منطقة غربي آسيا، ويدفع العالم إلى حافّة حرب عالميّة.
في 16/10/2024
الجمعيّة العربيّة للقانون الدستوريّ والقانون المقارن ومجمّع التحكيم الدوليّ للشرق الأوسط والبحر المتوسّط، د. علي الغتيت،
التجمّع الهنديّ للحقوقيّين، نيلوفر بهاغوات
المركز العربيّ لتوثيق جرائم الحرب والملاحقة القانونيّة، د. هالة الأسعد
اتّحاد النقابات العالميّ، المركز الإقليميّ للشرق الأوسط، د. عدنان عزّوز
جمعيّة الرافدين لحقوق الانسان، د. فلاح الفتلاويّ،
مرصد قانا لحقوق الإنسان، د. محمّد طيّ.