الهجمات الأمنية المعقدة والقانون الدولي بقلم: الدكتورة هالة الأسعد

20/9/2024
الهجمات الأمنية الكبيرة والمعقدة التي شنتها إسرائيل ضد لبنان يمكن اعتبارها من أكبر العمليات المستهدفة للقتل الجماعي وأكثرها تدميرًا، سواءً كانت هجمات إلكترونية أو تخريبية. لم يشهد التاريخ هجومًا من هذا النوع حيث أصيب آلاف الأشخاص في هجوم واحد.
بحسب تصريحات وزير الصحة اللبناني، حتى الآن أُصيب 2750 شخصًا وقتل 8 آخرون، من بينهم أطفال . مصادر أخرى قدرت عدد المصابين بأكثر من 5000 شخص. من خلال الصور والمعلومات المتداولة عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، يبدو أن كل من كان يستخدم نوعًا معينًا من البيجرات في لبنان تعرض لهذا الهجوم، على الرغم من أن نوع البيجر لم يُحدد بعد بشكل دقيق.
هذا الهجوم يحمل أبعادًا قانونية هامة من منظور القانون الدولي، وهي تستدعي فحصًا دقيقًا. هذه الأبعاد تتعلق بمبادئ القانون الدولي الإنساني، ولا سيما حظر استهداف المدنيين، والقواعد التي تنظم الجرائم الحربية.
– انتهاك مبدأ التمييز في القانون الإنساني الدولي
يُعتبر مبدأ “التمييز” أحد الركائز الأساسية في القانون الإنساني الدولي، والذي ينص على ضرورة التفريق بين الأهداف العسكرية والمدنيين. ويجب أن تُقتصر الهجمات على الأهداف العسكرية فقط، بحسب ما ورد في المادة 48 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف.
في الهجوم الأخير، تم انتهاك هذا المبدأ بشكل واضح، حيث:
– تم استهداف المدنيين بشكل مباشر
تم استخدام أداة غير قابلة للتمييز بدقة، مما أدى إلى استهداف كل من المدنيين والعسكريين دون تفريق
– انتهاك مبدأ التناسب
يحظر القانون الإنساني الدولي الهجمات التي تؤدي إلى خسائر كبيرة في صفوف المدنيين أو أضرار في الممتلكات المدنية مقارنة بالمكاسب العسكرية المتوقعة. بعبارة أخرى، يجب أن تكون الأضرار الجانبية التي تلحق بالمدنيين متناسبة مع الفائدة العسكرية المرجوة من الهجوم.
في هذه الحالة
إذا كان الهدف الأساسي من الهجوم هو مقاتلي حزب الله، لكن المدنيين تعرضوا لأضرار واسعة النطاق، فإن ذلك يمكن أن يُعتبر انتهاكًا لمبدأ التناسب، وبالتالي يمكن تصنيفه كخرق للقانون الدولي.
– حظر استهداف المدنيين
* المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف تنص على أن المدنيين يتمتعون بحماية تامة ضد الهجمات المباشرة في جميع الظروف. أي هجوم متعمد يستهدف المدنيين، خصوصًا باستخدام أدوات مثل البيجرات المتفجرة، يُعد انتهاكًا صارخًا لهذا المبدأ.
*أي هجوم متعمد على المدنيين يُعتبر جريمة حرب، والذين يقفون وراء هذه الهجمات قد يواجهون المحاكمة أمام المحاكم الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية (ICC).
– مسؤولية إسرائيل عن الجرائم الحربية
في حال ثبوت أن الهجوم الذي تسبب في مقتل المدنيين نُفذ من قبل إسرائيل، فإن ذلك يُصنف كجريمة حرب. في هذه الحالة، تكون إسرائيل مسؤولة دوليًا عن هذا الهجوم، وقد تُقدم للمساءلة. القادة العسكريون والسياسيون الذين خططوا أو نفذوا الهجوم قد يواجهون المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية أو غيرها من المحاكم الدولية المختصة.
– استخدام أدوات الهجوم السرية
اللجوء إلى استخدام أدوات متفجرة تُنشر بشكل سري بين المدنيين يُعد نوعًا من “الخداع العسكري” المحظور في القانون الدولي في بعض الحالات. استخدام هذه الأساليب، خصوصًا إذا كانت البيجرات محملة بمتفجرات دون علم المستخدمين، يُعتبر خرقًا للثقة وقد يشكل انتهاكًا خطيرًا للقواعد الدولية.
– مسؤولية التعويض
في حال تأكدت انتهاكات القانون الدولي، فإن إسرائيل تتحمل مسؤولية التعويض عن الأضرار التي لحقت بلبنان ومواطنيه. هذا التعويض قد يشمل دفع تعويضات مالية، أو تقديم اعتذار رسمي، أو اتخاذ تعهدات بعدم تكرار مثل هذه الهجمات.
– انتهاك حقوق الإنسان الدولية
حتى في حالات النزاع المسلح، يجب على الدول المتنازعة احترام حقوق الإنسان. يجب أن يتمتع المدنيون بالحق في الحياة والأمن والحماية. أي انتهاك لهذه الحقوق خلال الهجوم قد يحمل إسرائيل المسؤولية الدولية، ويعرضها للمساءلة أمام المحاكم الدولية.

مواضيع ذات صلة: