التصعيد العسكري الاسرائيلي مستمر. فبعد عمليات البايجر والتوكي ووكي والضاحية الجنوبية التي استهدفت قيادة الرضوان، جاء اليوم دور الغارات على الجنوب والبقاع. فاسرائيل شنت حوالى مئة غارة، فيما عمليات الانقاذ ورفع الانقاض تواصلت في الضاحية الجنوبية. محصلة الايام الخمسة المجنونة في الحرب بين اسرائيل وحزب الله لم تأت بتاتا لمصلحة الحزب. اذ ان عدد الشهداء والجرحى تجاوز الاربعة الاف، وهيبة الحزب ضربت في الصميم، وصورته اهتزت لدى الرأي العام اللبناني ولدى بيئته على حد سواء. والاقسى ان الحزب لا يبدو قادرا على الرد. فالتفوق التكنولوجي الاسرائيلي واضح. والطيران الحربي الاسرائيلي يعربد في الفضاء اللبناني بلا حسيب ولا رقيب، فيما الاعمال الاستخباراتية الاسرائيلية تكاد تلامس حد الخيال العلمي. كل هذه العوامل، وسواها طبعا، تجعل قوات الحزب مكشوفة بشكل شبه كلي امام آلة الحرب الاسرائيلية. فانطلاقا من الواقع المذكور: ماذا بعد؟ اي ماذا سيفعل الحزب في حرب اعلنها تحت عنوان اسناد غزة، ويثبت يوما بعد يوم انها غير متكافئة؟ هل يتراجع وينكفىء للحفاظ على ما تبقى من عناصر قوته ومن مناعة لبنان، ام يواصل سياسة المكابرة والعناد ليهدم ما تبقى على رأسه وعلى رؤوس الجميع ؟ انه سؤال مشروع الا اذا كان الحزب لا يزال يملك ورقة مستورة لم يضعها على الطاولة حتى الان. وهو امر مشكوك فيه كثيرا، خصوصا ان ايران الداعم الرئيسي للحزب، تعيش في أجواء أخرى. فهي اما مهتمة بمفاوضاتها مع الولايات المتحدة الاميركية، واما تعيش حالة انكار مقصودة عبّر عنها الرئيس الايراني بقوله إن القوة الدفاعية وصلت الى مرحلة من القوة بحيث لا تفكر اي جهة بالاعتداء على الاراضي الايرانية . الا تؤكد المقولة المذكورة ان ايران تحارب بسواها من الدول والشعوب، وانه لا يهمها عند ساعة الحقيقة الا نفسَها وسلامةَ اراضيها وامنَ مواطنيها؟.
فصول المسلسل العدواني على لبنان تتوالى من دون الإكتراث لأي كوابح دولية هي في الأصل خجولة إن لم تكن غائبة.
أحدث هذه الفصول كانت موجة غارات جوية عنيفة طالت نيرانها اعتباراً من ظهر اليوم العشرات من المناطق والبلدات الجنوبية.
وفي الوقت نفسه أطلقت المقاومة صليات من الصواريخ طال بعضها منطقة صفد في عمق الشمال الفلسطيني المحتل.
موجة الغارات الجوية تأتي فيما لم تجفَّ بعدُ دماء ضحايا العدوان الذي استهدف مبنى سكنياً في حي الجاموس بالضاحية الجنوبية.
هناك تتصاعد من بين الركام رائحة الغدر الصهيوني والإجرام المتفلّت من أي قيود أو قوانين أو دساتير أو أي عائق دولي وإقليمي.
رغم الوجع لا يستسلم لبنان المتضامن مع نفسه… ولن يُهزم طالما أن إرادة الحياة متأصّلة لدى أبنائه وروح المقاومة لا تنطفىء وطالما أن الوحدة الوطنية هي السلاح الأمضى في وجه العدوانية.
على أي حال تواصلت اليوم عمليات البحث ورفع الأنقاض في مسرح الجريمة حيث أفادت آخر حصيلة للضحايا عن سقوط سبعة وثلاثين شهيداً مدنياً ومقاوماً وجرح ثمانية وستين فيما ما يزال ستة عشر في عداد المفقودين. ومن بين الشهداء ستة عشر نعتهم المقاومة هم قائد الرضوان إبراهيم عقيل ومجموعة من رفاقه.
العدوان الإسرائيلي ولا سيما استهداف أجهزة البيجرز والأجهزة اللاسلكية حضر في جلسة طارئة لمجلس الأمن. في الجلسة رفع وزير الخارجية عبدالله بو حبيب صورة إصابةٍ نتيجة هذا الإستهداف لعلها تُحرك وجدان الحاضرين وخاطبهم إما أن يَفرض مجلسكم على إسرائيل وقف عدوانها أو نكون شهود زور على الإنفجار الكبير.
خارج جلسة مجلس الأمن كانت المواقف تتوالى فالأميركي كرر دعوته الملتبسة إلى حل دبلوماسي والفرنسي اتهم إسرائيل بدفع المنطقة نحو الحرب فردت عليه بالضغط على المقاومة وليس على تل أبيب.
أما الروسي فكان يشير إلى أن إسرائيل تريد استفزاز المقاومة من أجل دفع الولايات المتحدة إلى دخول حرب.
يشنها. وطالب المجتمع الدولي والضمير الإنساني باتخاذ موقف واضح من هذه المجازر الفظيعة وعلى جناح الفراغ الرئاسي ومبادرة الخماسية يصل غدا إلى بيروت الموفد الفرنسي جان إيف لو دريان، ويستهل الزيارة بالمشاركة في إحياء العيد الوطني السعودي على أن يشغل محركات الاستحقاق الرئاسي نحو المقار الرسمية “بالديزل المعطل”، وبالتزامن مع التطورات الميدانية، تحدث مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان عن أن خطر التصعيد في الشرق الأوسط واضح وحقيقي، في حين نقلت واشنطن بوست عن مسؤول أميركي أن أصواتا بإدارة جو بايدن تتساءل : لماذا نساعد إسرائيل إذا كانت هي من جلبت هذا الوضع لنفسها والصحيفة ذاتها نقلت عن دبلوماسي أوروبي قوله إن إسرائيل تظن أن ضرب أعدائها بقوة سيردعهم، لكن التاريخ يدل على أنها لا تفهم الرسالة.
بعدَ العمادِ والفؤاد ومصطفى، انضمَ اليومَ ابراهيم الذي وفّى .. عاقلٌ هو وقادر، ذو بأسٍ نادر. كعباسٍ ما اسقطَ الرايةَ في نزال، وما تركَ حسينَ عصرِنا حتى اوصلَ القِربةَ الى برِ الامان..
والقِربةُ رضوان، هي قوةٌ عسكرية بسيلٍ من الرجال الرجال، الذين وتَّدَ في الارض اقدامَهم فاعاروا اللهَ جماجمَهم، وسيزولُ العدوانُ ولا يزالون يدافعون عن الوطنِ ويُعَبِّدُون طريقَ القدسِ بجميلِ الاسناد..
ابراهيم محمد عقيل، والاسمُ يكفي، وكلُ عاقلٍ يشهد، انه قائدٌ جهاديٌ كبيرٌ على مساحةِ الواجبِ حيثُ كان. ومن يَعرِفْهُ الحاج عبد القادر، يَعرِفْ انه قادرٌ على اجتراحِ المعادلات، التي لا تنتهي بترجلِه بعدَ عقودٍ من سِنيِّ الجهاد..
ومن الاصحابِ ما تركوه، فسمير – قائدٌ كحبيبٍ في كربلاء، ومنهم حمزة وفجر وبلال، وباقر وجواد وزهير وابو ياسر وابو ساجد ونينوى وسراج، يضيؤون طريقَ القدس مع ثلةٍ من الابرار..
تحت أعين العالم , لم تترك مجزرة الا وإرتكبتها في قطاع غزة, حتى فككت قدرة حماس القتالية, وتحت أعين العالم, تصعّد وستصعّد أكثر إستهدافها لحزب الله, وتقول إنها ستفكك قدراته العسكرية.
هذا العالم متمثلا بقواه الخمس عشرة في مجلس الامن, كان أمس مجرد متفرج على توسع الحرب بين حزب الله واسرائيل , وعلى تحويل لبنان كله الى غزة ثانية .
فكل محاولات الديبلوماسية اللبنانية إستصدار مجرد بيان صحافي يدين فيه مجلس الامن فعل الهجمات الاسرائيلية , وليس الفاعل اي إسرائيل، طارت نتيجة رفض الولايات المتحدة لذلك.
وعليه, اذا كان بين الحالمين في لبنان, من يتوقع رحمة اميركية او اما حنونة توقف هيستيريا اكثر حكومة متطرفة في تاريخ اسرائيل, فهو واهم.
اما الحل, فلن يأتي الا من حزب الله, وقبوله بفك مسار حرب غزة عن حرب الاسناد التي فتحها في الثامن من اوكتوبر …
قرار لن يأتي من ضعف, فالحزب لم يبدأ حربه بعد, ولن يأتي من ضغط, فالصبر من ركائز تعاليمه, ولن يأتي من استفراد داخلي ,فما حصل في الايام الماضية اثبت العكس ,انما من رؤية استراتيجية تضرب اهداف اسرائيل الحقيقية, وتحمي بيئة الحزب اولا, وكل لبنان ثانيا , من مجنون اسمه نتنياهو, هو مايسترو من اليوم حتى تاريخ فتح باب البيت الابيض للادارة الاميركية الجديدة في كانون الثاني المقبل.