خاص – الحقيقة بالوثيقة
الجدل السياسي والقانوني حول تعديل القرار 1701
فهرس:
مقدمة
1. إمكانية تعديل القرار 1701
أ. على المستوى القانوني
ب. على المستوى السياسي
2. سبل استفادة لبنان من التعديل
أ. مراجعة تجاوزات اليونيفيل في الجنوب اللبناني
ب. ارتباط التعديل بموازين القوى على الارض
الاستنتاجات
——————————————————————————————-
مقدمة:
تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 1701 /2006 الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان. ويطالب القرار حزب الله بالوقف الفوري لكل هجماته و”إسرائيل” الوقف الفوري لكل عملياتها العسكرية الهجومية وسحب كل قواتها من جنوب لبنان.
دعا القرار الحكومة اللبنانية لنشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة –يونيفيل- وذلك بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق. كما يدعو “إسرائيل” ولبنان لدعم وقف دائم لإطلاق النار وحلّ بعيد المدى. وتضمن القرار عدة بنود ومطالب أخرى هي:
• إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أيّ مسلّحين ومعدات حربية وأسلحة عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات يونيفيل.
• التطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680 بما فيها تجريد كل الجماعات اللبنانية من سلاحها وعدم وجود قوات أجنبية إلا بموافقة الحكومة.
• منع بيع وتوفير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى لبنان إلاّ تلك التي تسمح بها الحكومة.
• تسليم إسرائيل الأمم المتحدة خرائط حقول الألغام التي زرعتها في لبنان.
• تمديد مدة عمل قوة الطوارئ الدولية في لبنان حتى 31 أغسطس/آب 2007.
ودعا مجلس الأمن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلى دعم الجهود الرامية لتأمين الحصول على موافقات من حيث المبدأ من حكومتي لبنان وإسرائيل على مبادئ وعناصر حل طويل الأجل سالفة الذكر. وأعرب المجلس عن اعتزامه المشاركة في ذلك بشكل فعال وقرر أن يسمح بزيادة عدد قوات يونيفيل إلى حد أقصى قدره 15 ألف جندي وأن تتولى القوة إضافة إلى تنفيذ ولايتها عدة مهام من بينها رصد وقف الأعمال القتالية وتقديم مساعدة لضمان وصول المساعدة الإنسانية إلى السكان المدنيين والعودة الطوعية والآمنة للنازحين. وفيما يتصل بمنطقة مزارع شبعا يطلب القرار من الأمين العام أن يقدم إلى المجلس اقتراحات خلال ثلاثين يوما بعد مشاورات مع الفرقاء المعنيين بشأن إجراء ترسيم دقيق للحدود اللبنانية.
منذ عام 2006 حتى مطلع أكتوبر 2023، شهدت الحدود الجنوبية استقرارا كبيرا رغم خروقات محدودة، لكن منذ أن دخل “حزب الله” على خط حرب غزة عبر قصف مواقع عسكرية إسرائيلية على الحدود مع لبنان ورد تل أبيب بعنف على بلدات جنوبية، تزايدت المخاوف باحتمالات نشوب “حرب شاملة” بين الطرفين.
ومع بداية عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023، وإعلان المقاومة الإسلامية في لبنان فتح جبهة مساندة للمقاومة الفلسطينية في غزة، بدأ الحديث حول مفاعيل القرار 1701، وان كان لا يزال من الممكن تنفيذه في ظل الاحداث الراهنة. وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، توعّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بإبعاد “حزب الله” إلى ما وراء نهر الليطاني جنوب لبنان، “سواء بترتيب سياسي دولي أو بتحرك عسكري استنادا إلى القرار الأممي 1701″، ما أدخل “التسوية الدولية” في معادلة التوتر الراهنة، بجوار “الحرب الشاملة”. من هنا تطرح العديد من التساؤلات، هل ماتت مفاعيل هذا القرار؟ وهل بالإمكان تعديله؟
1. إمكانية تعديل القرار 1701
هل بالإمكان تعديل هذا القرار؟ بالتأكيد، هناك امكانية لتعديله مثله مثل أي قرار يصدر عن مجلس الأمن وتعديله حكماً يتم في اجتماعات هذا المجلس فقط وبأكثرية أصوات أعضاء المجلس، ما لم تُمارس إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية حق “الفيتو” (النقض) على القرار. ولكن الاتجاه الذي يتم العمل على تعديله نحوه هو ما يُحدد توفر فرصة التوافق عليه من عدمها.
أ. على المستوى القانوني
من الممكن تعديل قرار فعال صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكن العملية قد تكون معقدة وقد تتضمن مفاوضات بين الدول الأعضاء. وفقا للمادة 108 من ميثاق الأمم المتحدة، يجوز تعديل الميثاق بقرار من الجمعية العامة يوافق عليه ثلثا الأعضاء. ومع ذلك، فإن هذه العملية لا تنطبق بشكل مباشر على قرارات مجلس الأمن.
تجابه المطالبات بالتعديل لاي قرار دولي صادر عن مجلس الامن دائما باستخدام أحد الأعضاء الدائمين او جلهم لحق النقض الفيتو لمنع هذا التعديل. ففي حالة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2720 مثلا، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد التعديل الروسي للقرار، الذي دعا إلى “الوقف العاجل للأعمال العدائية” للسماح بالإغاثة الإنسانية. وتوصلت الولايات المتحدة والدول العربية في وقت لاحق إلى نسخة معدلة يمكن أن تدعمها الولايات المتحدة، ولكن لم يكن من الواضح ما إذا كان أعضاء المجلس الآخرون، وخاصة روسيا، سيقبلون التغييرات.
باختصار، إن تعديل قرار فعال لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمر ممكن، لكنه قد يتطلب إجراء مفاوضات بين الدول الأعضاء وموافقة الأغلبية اللازمة. يمكن أن تكون العملية معقدة وقد تنطوي على استخدام حق النقض أو تأجيل التصويت للسماح بإجراء مشاورات مع العواصم.
ب. على المستوى السياسي
أول من أثار موضوع مفاعيل هذا القرار هو الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عندما تساءل في أحد خطاباته خلال حرب “طوفان الأقصى”، لماذا تنتشر قوات “اليونيفيل” فقط على الجانب اللبناني من الحدود؟ وحمل سؤاله إشارة كانت بمثابة رد على مخاوف المستوطنين على الحدود مع لبنان من العودة إلى المستوطنات الشمالية من دون معالجة وجود حزب الله على الحدود مباشرة مع فلسطين المحتلة.
في الأيام الماضية، تزايد الحديث في الأوساط السياسية في لبنان عن احتمالات تعديل القرار “1701” ليمثل مخرجا للتوتر الراهن على الحدود، إلا أن مطلعين على مسار الأحداث في البلاد يشيرون إلى أن تعديل القرار أمر غير وارد. ويمكن الإشارة هنا إلى العديد من الملاحظات:
– أنّ موضوع التعديل الذي حاول الفرنسي والامريكي طرحه غير جدي، ولا يتوقع أن يكون هناك تعديل للقرار 1701 إنما الاتجاه يذهب نحو تطبيقه.
– أن أي كلام عن تعديل القرار 1701 غير وارد الآن في قاموس المقاومة في حزب الله، وكل العروض التي قدمت لن تكون محل قبول من الحزب على الإطلاق.
– القرار 1701 يتكلم عن إبعاد الوجود المسلح عن جنوب لبنان، لكن اليوم طالما هناك حرب وتهديد إسرائيلي مستمر لأهل الجنوب وللبنان ككل، فهناك وجود مسلح بالضرورة.
– إن الكيان المؤقت لم يلتزم بالقرار 1701، فمنذ 17 عاما وهو يخرقه وسط صمت العالم، أما اليوم فحزب الله يقوم برد فعل بسبب هجماته وخروقاته.
– انسحاب حزب الله لما وراء نهر الليطاني كلام يروّج، لتحصيل أمور معنوية وهو أمر غير واقعي ويدلّ على جهل القوى الدولية الداعمة لهذه الفكرة بالبيئة الاجتماعية في الجنوب وبحقيقة ان المقاومة الإسلامية في حزب الله هي جزء أساسي من هذا النسيج الاجتماعي الممتد على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، روّج الكيان المؤقت لتعديل القرار 1701 وتحديداً لإبعاد حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، أي ما يزيد عن أربعين كيلومتراً عن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. وشهد لبنان زحمة مبعوثين تبنوا الموقف الإسرائيلي مهددين، ومحذرين من عواقب عدم التجاوب مع الرغبة الإسرائيلية.
تم تسليط الضوء على الفقرة التي تُجيز لقوات اليونيفيل مراقبة ومنع وجود سلاح غير السلاح الشرعي اللبناني (جيش وأجهزة أمنية لبنانية رسمية بحسب التفسير الأمريكي/الإسرائيلي الضمني) في منطقة عملياتها الممتدة من نهر الليطاني شمالاً إلى الحدود مع فلسطين المحتلة جنوباً، ومساعدة الدولة اللبنانية على تعزيز وجودها في هذه المنطقة وحماية الأمن والاستقرار فيها عبر التأكد من أن طرفي الصراع لا يخرقان خط الانسحاب الإسرائيلي الذي رسّمته الأمم المتحدة عام 2000 وسُمي بـالخط الأزرق. لكن ما حصل منذ بدء تنفيذ هذا القرار قبل 17 عاماً أن قوات الكيان المؤقت تعاملت مع قوات اليونيفيل بوصفها جزءاً لا يتجزأ من قوتها العسكرية الاستطلاعية في جنوب لبنان، إذ أنها واظبت على خرق السيادة اللبنانية (الخط الأزرق) على نحو يومي، براً وبحراً وجواً، وتجاهلت كل الشكاوى اللبنانية والأممية، فيما كانت تقيم الدنيا ولا تقعدها إن خُرِقَ “الخط الأزرق” من الجانب اللبناني سواء براع أفلت منه قطيعه هنا أو بمزارع يعمل في أرضه هناك، أو في أقصى الأحوال إذا تعرّض مستوطنوها للرشق بالحجارة من بضعة صبية قرب الشريط الشائك.
2. سبل استفادة لبنان من التعديل
إنّ انتصار المقاومة الفلسطينية في غزة ونجاحها في فرض وقف إطلاق النار واجبار الكيان المؤقت على التفاوض بشأن تبادل الاسرى العسكريين مقابل إطلاق سراح الالاف من الاسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية، سيكون مكسبا للبنان وللمقاومة الإسلامية في حزب الله، إذ سيترجم بتعديلات على القرار 1701 لمصلحة لبنان. أمّا عدم كسب المقاومة الفلسطينية للحرب سيجعل لبنان أكثر تشدداً في اجراء تعديلات لمصلحته.
أ. مراجعة تجاوزات اليونيفيل في الجنوب اللبناني
دأبت قوات “اليونيفيل” منذ العام 2006 على تسجيل الخروقات الإسرائيلية، والتي تقدر بعشرات الآلاف طوال الفترة السابقة، حتى أنها كانت تتعرض لمضايقات من الجيش الإسرائيلي، بلغت حد قتل جندي دولي يحمل الجنسية الإسبانية بقصف من دبابة “إسرائيلية” على موقعه عند أطراف بلدة العباسية على الحدود اللبنانية قبل أكثر من عشر سنوات من دون أن تتم محاكمة أي أحد في الجانب “الإسرائيلي”، لا بل خضعت “اليونيفيل” لهذا الأمر من دون الحد الأدنى الذي يحمي حق الجندي الإسباني القتيل، أما عندما قتل جندي دولي من الجنسية الإيرلندية في حادث فردي مع مجموعة شبان قبل عام تقريباً في منطقة العاقبية التي تقع على بعد عشرة كيلومترات شمال منطقة عمليات “اليونيفيل”، وفي طريق غير معتادة لسلوك قواتها ومن دون ابلاغ الجيش اللبناني عن حركتها على تلك الطريق، فقد لاحقت “اليونيفيل” الموضوع إلى أن تم إلقاء القبض على الشاب الذي اتهم بارتكاب الحادث وتم سجنه قبل أن يُخلى سبيله بسند كفالة قبل شهر تقريباً بسبب وضعه الصحي المتدهور، أي أنه ما يزال يخضع للمحاكمة ولو أنه خارج السجن.
هناك الكثير من الأمثلة على محاولات الولايات المتحدة الأمريكية تحويل اليونيفيل إلى قوات استطلاع عسكرية دولية في جنوب لبنان، ولعل أبرزها المحاولة التي جرت قبل ثلاثة أعوام لنشر كاميرات متطورة وحديثة على أسوار مواقع “اليونيفيل” بذريعة التحسب من أية هجمات، (خلال 17 عاماً من تنفيذ القرار 1701 لم يتعرض أي موقع لقوات “اليونيفيل” لهجوم من الجانب اللبناني)، وقد رُصدت لهذه الكاميرات موازنة معتبرة بملايين الدولارات، وكان يُفترض أن تخضع لغرفة عمليات داخل مقر قيادة “اليونيفيل” في الناقورة ومن هناك تتم السيطرة عليها بالتحكم عن بعد، وبإمكانها ان تتحرك بزاوية 360 درجة وعندها القدرة على الرؤية الليلية والحرارية، وقد اسقطت الحكومة اللبنانية هذه المحاولة عندما رفضت نشر الكاميرات بالرغم من الإلحاح الأمريكي والغربي. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تمكن أهالي قرى جنوبية أكثر من مرة من الامساك ببعض جنود “اليونيفيل”، وهم يقومون بتصوير بعض الأماكن الحسّاسة، ومنها بيوت قادة في المقاومة وسياراتهم، وتم العثور على صور لهذه الأماكن في ذاكرة كاميراتهم.
من هذا المنطلق، بالإمكان الملاحظة أن تطبيق القرار 1701 ومنذ اللحظة الأولى لإعلانه كان يخضع للاستنسابية بصورة أساسية عند القوات الدولية والدول ذات النفوذ. وفي حين انحاز التفسير الدولي الى اعتبار سلاح المقاومة في لبنان سلاحا غير شرعي، فقد عمدت القوى السياسية في الحكومات المتعاقبة على ادراج مشروعية المقاومة في بيانها الوزاري تحت عنوان ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة” كقاعدة لحماية لبنان. كما أنها أصرت على حق الدولة اللبنانية في إبقاء حركة قوات اليونيفيل في جنوب لبنان تحت عيون الجيش اللبناني برغم محاولات أمريكية وغربية عديدة في مجلس الأمن لتحرير اليونيفيل من هذه المراقبة عبر ضغوطاتها في مجلس الأمن الدولي للتوصل في العام الماضي إلى صيغة “حرية حركة اليونيفيل مع أو من دون الجيش اللبناني” التي سارع قائد اليونيفيل اللواء أرولدو أثارو إلى تجاوزها قبل أن يجف حبر البيان الدولي بإصدار بيان يؤكد فيه أن قواته لن تتحرك من دون تنسيق مع الجيش اللبناني، وعاد مجلس الأمن الدولي هذه السنة خلال التجديد لقوات “اليونيفيل” إلى اعتماد صيغة “حرية حركة اليونيفيل مع أو من دون الجيش اللبناني.. ولكن بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية”.
– بناء على ما سبق، فإن العدو “الإسرائيلي” مدعوماً من الولايات المتحدة أنهى القرار 1701 منذ اللحظة التي عمل فيها على تحويله إلى مجرد أداة لمحاصرة المقاومة وشل حركتها في الدفاع عن لبنان، فيما هو يواصل استباحة السيادة اللبنانية، براً وبحراً وجواً.
– فكرة إبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني ليست بجديدة، إذ حاول تمريرها خلال العدوان على لبنان عام 2006 لكنه فشل، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن دعم هذه الفكرة من بعض الدول الغربية ينم عن جهل حقيقي بالتركيبة الاجتماعية لحزب الله والتي هي جزء اساسي من المكون والنسيج الاجتماعي في الجنوب.
ب. ارتباط التعديل بموازين القوى على الارض
بطبيعة الحال، إن موازين القوى على الأرض وفي الميدان، هي ما يُحدّد امكانية فرض تعديل ما لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، وبما أن الوضع على الحدود اللبنانية الجنوبية راهناً بات مرتبطاً بالوضع في قطاع غزة كونه جبهة إسناد للمقاومة الفلسطينية قد تتطور لما هو أكثر من إشغال، ويصبح من السابق لأوانه الكلام عن أي تعديل للقرار 1701 في انتظار أن تنجلي الصورة الميدانية في غزة. فموازين القوى على الأرض هي ما يُحدّد امكانية فرض تعديل من عدمه.
أما عن الاتجاه الذي يُمكن أن يسلكه أي تعديل للقرار 1701 ربطاً بالأوضاع التي سيرسي عليها العدوان الصهيوني على قطاع غزة، فإن فشل العدو في تحقيق هدفيه الرئيسيين من العدوان (سحق حركة حماس واستعادة أسراه من دون مفاوضات) هو بمثابة إنجاز للمقاومة الفلسطينية في غزة. فعدم قدرة العدو على فرض شروطه في حربه على أرض غزة تجعله عاجزاً عن فرض أي تعديل للقرار 1701 لمصلحته، أما إذا نجح في تحقيق هدفيه المذكورين في غزة- وهذا يبدو مستحيل عمليا ارتباطا بالأحداث- فإنه سيجد نفسه أمام معضلة استخدام القوة العسكرية ضد المقاومة في لبنان لفرض شروطه في تعديل القرار 1701، ولعل القاصي قبل الداني يعرف أن أي حرب يشنها الكيان المؤقت على لبنان ستكون مختلفة تماما ان كان عسكريا او ميدانيا، إذ أن القدرات النارية للمقاومة في لبنان تتجاوز بكثير قدرات المقاومة الفلسطينية، كما أنّ هامش المناورة الجغرافية لديها أوسع بكثير.
الاستنتاجات
بالخلاصة، من المهم متابعة مجريات الحرب في غزة وما ستسفر عنه من نتائج على الأرض، فإن كانت لصالح المقاومة في غزة، فستكون محفزا أساسيا للمقاومة في لبنان، لإجبار العدو عن التراجع بشروطها لكيلومترات عن الحدود لما يشكله وجود قواتها من تهديد للأمن والسلم في الأراضي اللبنانية.
كما سيكون انتصار المقاومة في غزة مكسبا سيترجم بتعديلات على القرار 1701 لمصلحة لبنان:
– مطالبة العدو الصهيوني بتطبيق القرارات الدولية التي لم يحترمها وينتهكها باستمرار.
– المطالبة باسترجاع الأراضي اللبنانية المحتلة (مزارع شبعا وتلال كفر شوبا).
– اعادة ترسيم الحدود البرية بعد استرجاع المناطق المحتلة لكنف الدولة اللبنانية.
– وضع اليات لردع العدو الصهيوني عن اختراق القرار وشروطه.
– ضبط مهام قوات اليونيفيل التي لن يسمح لبنان لها بتجاوز صلاحيات الجيش اللبناني.
عندما طرح موضوع تعديل القرار 1701 أثناء التجديد لقوات اليونيفيل، روّج الكيان المؤقت لتعديل القرار 1701 وتحديداً لإبعاد حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، أي ما يزيد عن أربعين كيلومتراً عن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. بالمقابل، أكدت الأوساط الرسمية اللبنانية من جديد على حقها في إبقاء حركة قوات “اليونيفيل” في جنوب لبنان تحت عيون الجيش اللبناني برغم محاولات أمريكية وغربية عديدة في مجلس الأمن لتحرير “اليونيفيل” من هذه المراقبة عبر ضغوطاتها في مجلس الأمن الدولي للتوصل في العام الماضي إلى صيغة “حرية حركة اليونيفيل مع أو من دون الجيش اللبناني” التي سارع قائد “اليونيفيل” اللواء أرولدو أثارو إلى تجاوزها قبل أن يجف حبر البيان الدولي بإصدار بيان يؤكد فيه أن قواته لن تتحرك من دون تنسيق مع الجيش اللبناني، وعاد مجلس الأمن الدولي هذه السنة خلال التجديد لقوات “اليونيفيل” إلى اعتماد صيغة “حرية حركة اليونيفيل مع أو من دون الجيش اللبناني.. ولكن بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية”.
ما وقع التركيز عليه هو ان تتحرك قوات اليونيفيل بحرية مطلقة دون رقابة من الجيش اللبناني ولا بتنسيق معه. طبعا العدو الصهيوني ركز على مسألة الحدود البرية (الخط الأزرق) شمال نهر الليطاني نظرا لأنها كانت الموضوع الأساس الذي بني عليه القرار 1701 منذ البداية.
لم تذكر في القرار تفاصيل تتعلق بالمرافئ او الموانئ، ولا بدور يذكر لقوات اليونيفيل فيها، وهذا يشير إلى محاولة أمريكية غربية إسرائيلية للضغط باتجاه تحرير تحرك قوات اليونيفيل بشكل كامل لتكون الموانئ والمرافئ ضمنيا ودون تحديد ذلك علنا في نسخة القرار، من ضمن الأمكنة التي يسمح لقوات اليونيفيل الدخول اليها ومراقبة (النشاط الملاحي والبحري والجوي) فيها.
يعمل الإسرائيلي الان على الاستمرار في الضغط على لبنان من خلال التهديد باستهداف الموانئ والمطار الدولي، كرد فعل على ما نشرته المقاومة من صور لمواقع حساسة واستراتيجية داخل الكيان، وللضغط باتجاه تفعيل القرار 1701 بما يطالب به الإسرائيلي وهو تكثيف الحصار البري والبحري والجوي على لبنان بغرض استهداف المقاومة.
في الختام من المهم الإشارة أيضا الى أنّ عدم كسب المقاومة الفلسطينية للحرب في غزة، سيجعل لبنان أكثر تشدداً في اجراء تعديلات لمصلحته.