إيلي يوسف
في بادرة غير مسبوقة لتحقيق العدالة في قضايا قتل الفلسطينيين، أقامت جامعة الأمة العربية في دمشق محكمة شعبية للتحقيق في جرائم قتل المدنيين الفلسطينيين، ومساءلة الحكومات قانونياً عنها. اتخذت المحكمة التي استضافتها العاصمة دمشق طابع العدالة الشعبية، حيث اعتمدت على وقائع وتحليلات قانونية عالية الجودة تناولت حالات القتل المتعمد للفلسطينيين العزل الأطفال منهم والنساء.
منذ 7 أكتوبر يشهد العنف ضد الفلسطينيين تزايداً كبيراً، فيما يبقى القتلة أحراراً طلقاء، إذ من شأن هذا المستوى المرتفع دائماً للإفلات من العقاب أن يعمل على إدامة دورة العنف ضد الفلسطينيين مما يشكل تهديداً للجنس البشري في فلسطين التاريخية.
وفي خطوة مهمة للضغط من أجل تحقيق العدالة لفلسطين، طلبت جامعة الأمة العربية- منظمة غير حكومية ومقرها العاصمة السورية دمشق- عقد محكمة شعبية للنظر في جرائم قتل التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين.
كانت الغاية من المحكمة الشعبية هي مساءلة الدول عن انتهاكات القانون الدولي من خلال العمل على تشكيل الوعي العام وإعداد سجل قانوني بالأدلة وأداء دور مهم على صعيد تمكين الضحايا وتسجيل قصصهم. أي هي صرخة شعبية لإسماع الصوت لكل الحكومات على إخفاقها في إعمال العدالة فيما يتعلق بجرائم قتل الفلسطينيين.
ترأس الجلسة القاضي محمد طي، من لبنان، رئيس مركز قانا لحقوق الإنسان، رئيساً لهيئة المحكمة الشعبية، وعضوية كل من منال فنجان من العراق، و د. هاتف الركابي مستشار منظمة ويستمنستر الدولية في صناعة القوانين، وأحلام بيضون من لبنان عضو في التجمع العالمي للحقوقيين الديمقراطيين، و د. حسن محيدلي من لبنان محامي في محكمة الاستئناف، وفؤاد بكر من فلسطين، رئيس الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، وعيسى معيزة من الجزائر ، وعلي الغتيت وحسن عمر أحمد من مصر، والدكتور ياسر كلزي أستاذ القانون الدولي في جامعة دمشق.
وقدمت للمحكمة الشعبية الدكتورة هالة الأسعد، رئيسة جامعة الأمة العربية، بالقول: “هذه المحكمة هي ليست محكمة رسمية بل يمكن أن نشبهها بأنها محكمة ضمير باسم الشعوب الحرة والشعوب المضطهدة والناطقة باسمهم بعد أن تخلت المحاكم الدولية عنهم لصالح أجندات دولية برعاية الولايات المتحدة التي لا يهمها سوى القتل والتدمير وصناعة وبيع الأسلحة”. وبالتالي نحن اليوم أمام مقاومة قضائية تضاف إلى المقاومات الإعلامية والميدانية والشعبية، حيث تمنت هئية المحكمة أن تكون المحكمة التي استضافتها سورية منارة لباقي الدول العربية لعقد محاكمات شبيهة بالتي أطلقتها سورية لإدانة الكيان الصهيوني، ومنطلقاً لإقامة دعاوى قضائية ضد هذا الكيان ليس على جرائمه في غزة، وإنما على اعتداءاته المتكررة على سورية واحتلاله للجولان السوري.
وعلى هذا الأساس من الضروري التركيز على الخطوات القانونية في النضال لرفع الوعي العربي والعالمي ومناهضة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بالاستناد إلى نصوص القانون الدولي، بل ومنح كل قوى المقاومة الغطاء القانوني الدولي لضمان شرعية كل ما تقوم به من ردّ فعل ضدّ فعل الاعتداء على الشعب العربي في الأرض المحتلة والجولان السوري المحتل ومزارع شبعا.
لقد جاءت هذه الخطوة من جامعة الأمة العربية تكليلاً لخطواتها السابقة الهادفة إلى إيقاد الوعي الشعبي العربي، ولا سيما لدى الشباب العربي المثقف الواعي للدفاع عن قضيته، ، وحشد الأصوات الشعبية والشبابية على مستوى العالم ضد الجرائم العنصرية واللا أخلاقية لهذا الكيان، آخذين في الاعتبار الشعوب الغربية التي افترشت الشوارع والساحات مطالبةً بوقف إجرام الكيان الصهيوني.
لذلك يمكن التأكيد أن هذه المحكمة الشعبية التي أقامتها جامعة الأمة العربية تصبّ في خانة دعم النضال الميداني لمحور المقاومة من غزة إلى سورية ولبنان واليمن والعراق، وصولاً إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لتمتد إلى كل جبهات الأحرار والشرفاء في هذا العالم. كما أنها تأتي تصويباً لبوصلة الشعوب العربية نحو النضال، ودعم لخطوات سابقة أرساها بقوة “طوفان الأقصى” الذي أعاد النبض والحياة والزخم لقضية العرب المركزية، فمن شأن هذه الخطوة التي جرت على الصعيد القانوني الحفاظ على وعي الأجيال، ولا سيما الأجيال الشابة نحو عدوهم وأهدافه الخبيثة، والذي كان يراهن على نسيان العرب للقضية الفلسطينية لتمرير مخططات جنوحه نحو “التطبيع المجاني”…