استراتيجية الأدب المقاوم

الدم والنار.. والنصر قرار

يعتبر الأدب بكل اقسامه إحد الجبهات المقاومة التي أقرت أنه // بالدم والنار.. النصر قرار// بل من أكثر الجبهات تأثيراً في جبهة المقاومة الثقافية ، حيث أننا نرى في جامعة الأمة العربية المقاومة أن تسمى مقاومة ثقافية ومقاومة أدبية بدلاً من الأدب المقاوم نتيجة لهذا التأثير والحاجة للمقاومة المسلحة لها بل هي كلمتها ومنطوقها،
وكونها مقاومة بحد ذاتها فإنها تعتبر جزء من حرب هجينة شاملة متنوعة شنّت على الحق وأصحابه .. لذا لابد من مقاومة هجينة بحسب المصطلح العسكري والثقافي لمواجهة هذه الحرب الظالمة، وجبهة الأدب هو بابها ومحرابها، وان لذلك استراتيجيات وليس عملاً ارتجالي . فهذه الاستراتيجيات تعمل على ايصال الرسائل السياسية والمبدئية، ضمن خصائص متعددة منها:
1- تعدد أساليب الأدب والثقافة بكل تفاصيلهما ، كاستخدام القصة والشعر، وبكل مناحيهما اللذان قد يشملان التمثيلي والسماعي ، كالفلم والمسرح حيث تعتبر أدوات لتثبيت الفكر المقاوم ، بل لتثبيت النهج والمبدأ في عقل المتلقي. ويؤثر أكثر ما يؤثر في الموضوع التربوي كالقصة . اذ يكون المستهدف هو النشء أو الطفل وقد يكون تربية أدبية وطنية ، كالتي تحافظ على لغة الطفل في ما نواجه به اللغة من كتابات بأرقام لاتينية القصد منها ان يفقدونا أهم عنصر من الهوية، وقد تكون بأسلوب تمثيلي كمسرح الطفل أو الصور المتحركة .
وينبغي أن تكون بالأناشيد الشعرية والحماسية التي تخلق حالة وطنية عاطفية مهمة تحدد وجهة التفكير .
2- كما يمكن أن تحمي فكرة الرمز وحمايته ، وابراز الخصوصية والبطولة لدى القدوة في مجتمع او في النهج الوطني، أو القيادي المقاوم أو في التاريخ ، حيث اظهار أحداث وطنية حالية أو تاريخية او حتى تراثية وهي تؤكد على ثقتنا بمقاومتنا من خلال ايماننا بالقدوة والقيادة في المقاومة وتسليمهم وبثقة مقاليد القيادة لمسار النهج ومسيرته وتعميم المفهوم المبدئي والسياسي المراد ايصاله
3- الأهم في مدلول الأدب المقاوم شعراً أو نثراً ..صورة او شكل أو تجسيد أن يظهر حجم البطولات لتبيان تضحيات المقاومة للوصول الى الايمان بما قدّره الله أنه عمل مقدس وقدسيته بتقدير ان النتيجة وعد الله الذي به وعد الأخيار والمدافعين عن الحق، للوصول الى نصر ولذلك كان عنوان // الدم والنار.. والنصر قرار // بقرار المقاومة طريقنا الى السيادة والاستقلال ونبذ التبعية والذل الى وجهة العزة والكرامة .
4– التأكيد على التذكير بشخصيات واعمال ادبية عالمية لتبيان أن المصير الحلم يكون من خلال التمسك والايمان بالمبادئ والثوابت ، حيث أنّ الامر لا يمكن الا ان يكون مدروس وليس بطريقة ارتجالية ، ولا باس لو دخل النص الادبي او الشعري الذي يخطب العاطفة وربما احياناً يثير الشجن او يستنهض مجتمع فيستنهض أمّة وهنا مكمن الأهمية ، ربما يكون نص أدبي أو شعريا أو نصاً منهما مغنّى . يتناسب مع الموضوع فيثير الحماسة ، لذلك فانه قد يكون حماسي أو تربوي أو فلسفي وبطرق متعددة فيوصل الرسالة السياسية والوطنية الى المستهدف ، وقد يكون لها من التأثير في المقاومة تساوي الرصاصة حيناً وقد تفوق اذا أُحسن توجيهها بالشكل الصحيح والفاعل ،
5- يحتاج النص الى ألفاظ جزلة في سياق منهجي يعبّر عن عزة النفس ،والايمان بالمقاومة للوصول الى السيادة وحفظ الكرامة والحفاظ على الهوية ، والثقة بهذا النهج المقاوم الذي يوصل المستهدف بالنص الأدبي ، الى انسانيته المتمتعة بالعز وتعطي الأمل في حماية الوطن والانسان .
ومن الأهمية بالأدب المقاوم ..اعتماده على اللغة الفصحى كونها أبلغ واقوى، وكذلك من خلال استعارات بيانية ومعاني عميقة كالتضحية والفداء والشجاعة والكرامة والعز، ولابد من أن النص بمس العاطفة سواءً شعراً وقصصاً ، تحاكي كذلك قضايا اجتماعية وتربوية وسياسية بلغةٍ مؤثرة قد تحتاج الى نوع خاص من العلم هو علم نفس المجتمعات ، والتأثير به بشكلٍ علمي صحيح يعبر عن علاقة الانسان بأرضه ووطنهٍ ، وربما من خلال القصص أو شعر الحب الذي يؤكد على سمو العلاقات الانسانية من خلال صور ومعاني تدخل بالخيال العاطفي .
6- ولابد أن تعتمد المقاومة الأدبية على فكرة الجهاد والمقاومة في سبيل الله والوطن، معتمداً على صور من الانتماء للوطن ، كما يعبّر الادب المقاوم على عمق عقائدي وانتماء اجتماعي وأخلاقي اذ يعمل على توجيه المتلقي الى ايمانه بعقيدته وبهويته ووطنه وحقه وبصورة انسيابية ، فلا يحتاج المتلقي الى عناء للتركيز على الانتماء الاجتماعي والحضاري والثقافي لبيئته، فيظهر من خلال القصة ، أو الشعر، أو النص الادبي ، أو النثري بأنه لا انكسار مع الصمود والنضال والمقاومة لأنه حق، والله هو الحق ، ولولا الايمان بالله ، والسعي إلى إرضائه لضعفت الحالة العاطفية ، اذاً لضعفت العقيدة، وكيفية صيغ ايصالها بسلاسة للمتلقي المتنوع المشارب وهذه مهمة للأدب المقاوم المؤثر والمتميز بالتعابير الشعرية ، والادبية القوية التي تساعد على إلهام المتلقي بحالة مقاوِمة عليا.
وما يحصل الآن في فلسطين، وفي غزة بالتحديد يحتاج إلى تكثيف الجهود لإفشال المشاريع التصفوية للقضية واظهار حجم الجرائم والمآسي لواقع الغزاويين، وتبيان هيستيريا العدو بتصعيد الجرائم المتوحشة والجيد أن يكون هناك حالة ترجمة لهذه القصص والادب والشعر للغات اخرى لبلاغة الفائدة المقصودة وسعة انتشارها من تأريخ وتبيان المرحلة وبدقة ، وبرسم للواقع بأسلوب قصصي وهو أكثر فاعلية وتأريخا من كتابة التاريخ.
كل هذا يزيد من أهمية مسؤولية وهدف الأدب المقاوم فيتحول هنا الى المقاومة الأدبية والتاريخية فسجِّل أيها التاريخ
ولابد من أن نحسن استخدامها نوعاً وكماً في الوقت والمرحلة المناسبين والمتناسبين للوصول الى الهدف المرجو، بتصوير حيثياته وتقسيماته بمفهوم كل فكرة على حدى، والتأكيد على الخصائص والسمات من القصد شكلاً وموضوعاً ، متحلياً بصفات الجذب والاثارة كروح للعمل الأدبي بكل التفاصيل مما يعمل على ان يكون له تجلياته الخاصة يقوده لان يكون متألقاً فكرياً وعاطفياً وناقلاً لأمل ورؤية تثير متعة القارئ او السامع أو المشاهد، بحيث تضعه في حالة نفسية مؤمنة بحتمية الانتصار ، وهذه من المهام الكبرى التي تقع على عاتق المقاوم من الأدباء والمفكرين والكتّاب والشعراء بهدف تصليب الإرادة ودعم التشبث والتمسك بقيم أخلاقية والثوابت حيث أن أي عمل ابداعي يكون في ميزان حجم التأثير ويكون أحد عناصر النصر والمقاومة وداعم للعمل العسكري المقاوم حيث يصوّر ضمير الأمة وروحها في مواجهة الأزمات والحروب وبث الوعي وشحذ الهمم بعدة طرق واساليب منها الإستقرائي أو الوصفي واعطاء حلول وليس فقط السردية ، وإعطاء المقاومة روح عليا لمن يحملها، ضد ثقافة الإستسلام .
ومن هنا لي رأي أنه لابد من التكامل والعمل من أجل الأدب المقاوم رفيع المستوى وبليغ الصياغة لنصل الى مقاومة مدروسة من الناحية الفكرية والأدبية والثقافية.

مواضيع ذات صلة: