يوجّه العدوّ الصهيونيّ إنذارات إلى سكّان بعض الأحياء والقرى لإخلائها، تمهيدًا لقصفها وتدميرها، متظاهرًا باحترام القانون الدوليّ الإنسانيّ، وخاصّة المادّة 57 من البروتوكول الأوّل الملحق باتّفاقيّات جنيف لسنة 1949، والتي تنصّ على أن:
“ج ) یوجّه إنذار مسبق وبوسائل مجدیة في حالة الھجمات التي قد تمسّ السكّان المدنیّین، ما لم تحل الظروف دون ذلك”.
أمّا الهدف من الإنذار فهو ” تفادي السكّان المدنیّین والأشخاص والأعیان المدنیّة”، كما جاء في مطلع المادّة 57. فهل هذا قصد العدو؟
يوجّه العدوّ إنذاره للسكّان المدنيّين في مناطق مدنيّة ليست مناطق قتال، ولا يستخدمها مقاتلون لبعدها عن الجبهة.
كما أنّ العدوّ لا يمنح الوقت الكافي للسكّان المدنيّين للمغادرة مع شيء من الحاجيّات التي لا غنى عنها.
ثمّ أنّ من واجبه أن يحدّد مناطق آمنة من أجل أن يتوجّه الناس إليها، لكنّ لا يقوم بذلك، بل يستهدفهم وهم على الطرقات وفي الشوارع، فيقتل بشكل عشوائيّ: الأطفال، النساء، الشيوخ…
وإلى كلّ هذا هو يجعل العودة متعذّرة لأنّه يهدم البيوت، وغالبًا فوق رؤوس من لم يتح لهم الوقت للمغادرة أو من لم يصلهم الإنذار.
وهو لا يكتفي بهدم البيوت، بل يقصف المساجد والمدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسّسات الخيرية, والآثار التاريخية (قصف قرب قلعة بعلبك التالريخيّة),
وهكذا يتحوّل الإنذار إلى طرد للسكّان المدنيّين من أحيائهم وقراهم، بل وإلى فخّ لقتلهم.
بهذا ينتهك العدوّ البروتوكول الأوّل (م 57) ويرتكب عددًا من جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانيّة وجريمة العدوان:
جرائم الحرب: كما حدّدها نظام روما للمحكمة الجنائيّة الدوليّة:
الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب / أغسطس 1949. (م 8/2/أ)
إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكريّة تبرّر ذلك وبالمخالفة للقانون (م 8/2/أ /4)
الإبعاد أو النقل غير المشروعين (8/2/أ /7).
” تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنيّة, أي المواقع التي لا تشكّل أهدافاً عسكريّة (8/2/ب/2).
” تعمد شنّ هجوم مع العلم بأنّ هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيّين أو عن إلحاق أضرار مدنيّة (8/2/ب/4).
مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافًا عسكريّة بأيّ وسيلة كانت (8/2/ب/5).
تعمّد توجيه هجمات ضدّ المباني المخصّصة للأغراض الدينيّة أو التعليميّة أو الفنيّة أو العلميّة أو الخيريّة, والآثار التاريخيّة, والمستشفيات وأماكن تجميع المرضى والجرحى شريطة ألّا تكون أهدافاً عسكريّة (8/2/ب/9)..
قتل أفراد منتمين إلى دولة معادية أو جيش معادٍ أو إصابتهم غدراً (8/2/ب/11).
تدمير ممتلكات العدوّ … مالم يكن هذا التدمير … ممّا تحتّمه ضرورات الحرب (8/2/ب/ 13).
الجريمة ضدّ الإنسانيّة: إبعاد السكّان أو النقل القسريّ للسكّان (م7/أ/د).
جريمة العدوان: تقوم جريمة العدوان على أن يعمد شخص يمتلك صلاحيّة واقعيّة للسيطرة على عمل سياسيّ أو عسكريّ لدولة ما، أو يديره، إلى القيام بعمل عدوانيّ وتحضيره وإطلاقه أو تنفيذه، على أن يشكّل هذا العمل، بطبيعته وخطورته واتّساعه، خرقًا ظاهرًا لميثاق الأمم المتّحدة”. ويتمثّل العمل ب”قصف القوّات المسلّحة لدولة ما أراضي دولة أخرى أو استخدام أيّ سلاح آخر ضدّ هذه الأراضي”,
هذه الجرائم يتمادى العدوّ الصهيونيّ بارتكابها ضدّ السكّان المدنيّين في لبنان، فيقتل المئات على مرأى ومسمع من العالم الذي لا يحرّك ساكنًا لمنعه من التمادي في إجرامه.
لذا فإنّنا نهيب بكلّ الوطنيّين في لبنان والوطن العربيّ وكلّ أحرار العالم ومناهضي الاستعمار والهيمنة والظلم، أن يبادروا إلى إدانة العدوّ الذي يرتكب هذه الجرائم الوحشيّة، ويدعموا شعب لبنان، كما شعب فلسطين، في مواجهته وردعه.
في 9 تشرين الأوّل/أكتوبر 2014
الجمعيّة العربيّة للقانون الدستوريّ والقانون المقارن ومجمّع التحكيم الدوليّ للشرق الأوسط والبحر المتوسّط، د. علي الغتيت،
التجمّع الهنديّ للحقوقيّين، نيلوفر بهاغوات
المركز العربيّ لتوثيق جرائم الحرب والملاحقة القانونيّة، د. هالة الأسعد
اتّحاد النقابات العالميّ، المركز الإقليميّ للشرق الأوسط، د. عدنان عزّوز
جمعيّة الرافدين لحقوق الانسان، د. فلاح الفتلاويّ،
مرصد قانا لحقوق الإنسان، د. محمّد طيّ.