منصاتُ التواصل تفرض نفسها وسيلةً لإحقاقِ الحقِّ

د.المختار

بتاريخ 2.5.2024 نشرنا مقالاً بعنوان الجامعاتُ الأمريكيةُ وثو.رةُ الوعي 2.

تحدثنا فيه أنَّ من يتابع الحراكَ الطلابي في الجامعاتِ الأمريكيةِ يتأكّد أنَّ “إ.سرائيلَ” خسرَت معركةَ السمعةِ والرأي العامِّ الدولي، وأمريكا خسرَت الشرعيةَ الأخلاقيَّةَ التي روَّجت لها لعدة عقود مضت.

وما يؤكدُ ذلك تصريحُ نتنياهو الذي استشعرَ الخطرَ وراحَ يها.جمُ الحراكَ الطلابي ويصفُه بالمرعبِ “Horrific”.

حقاً إنَّه مرعبٌ ومحيِّرٌ للكيانِ ولكلِّ المتضامنين معه في المنطقة وخارجها، لأنَّ الدعايةَ التي عملَت عليها الصهيونيةُ والمؤسساتُ التابعةُ لها لعقودٍ عدّة وهي غسلُ أدمغةِ الشبابِ الغربي قد ذهبَت في مهبِّ الريح، وهذه نتيجةٌ طبيعيةُ لفائضِ القتلِ والتدميرِ في غزَّةَ.

نعم مرعبٌ لأنَّ هؤلاء الشبابَ هم جيلُ الغد وقادةُ المستقبلِ، فماذا إذا فهموا اللعبة…؟

وازديادُ حجمِ المظاهراتِ وتوسّعها يؤكدُ بأنّه لم ينفع معهم التخويفُ والاعتقالُ، بل تحوَّل بنظرِ الطلاب إلى سقوط منظومة القيم التي نظَّر لها قادتهم.

إنّه مرعبٌ لأنَّ عدوى التظاهرِ تنتشرُ بسرعةٍ داخلَ الجامعاتِ الأمريكيةِ، وهي مرشحةٌ للانتقالِ خارجَها قريباً.

علماً أنَّ طلباتِ الطلابِ المتظاهرين لم تتعدّ المطالبةَ بالمقاطعةِ وسحبِ الاستثماراتِ من الكيانِ، وهم يرون أنَّ ردودَ الفعلِ القمعية ضدَّهم لا تتساوى مع الفعلَ بل تتعداه بكثيرٍ، وهذا ما يزيدُ من إصرارِهم على المتابعةِ وتوسيعِ رقعةِ التظاهرِ، مع تغيّرٍ بالمزاجِ.
فكيف سيصدّقُ هؤلاءِ الطلابُ قيمَ الديمقراطيةِ التي يلقنوهم إيَّاها بعد أن شاهدوا بأمِّ العينِ الشرطةَ تعتقلُ أُستاذةً جامعيةً وهي تصرخُ وتقول:
أنا بروفيسور، أنا رئيسة قسم الفلسفة…؟

وذكرنا في المقال عن أهمية دور منصات التواصل الاجتماعي

(أما منصاتُ التواصلِ الاجتماعي، والانستغرامِ والتيك توك فهي تخوضُ عن غيرِ قصدٍ مهمةً وظيفيةً لم تكن تخطرُ على بالِ مصمّميها يوماً، وهي إيصال الصور الحقيقية لعدوان الكيان إلى كلِّ منزلٍ ومكتبٍ في العالم.

ما يحصلُ حقاً تجاوزَ حدودَ فلسطينَ، ونقل القضية إلى ساحات أخرى، إنّه تغييرٌ لا بد يبشّرُ بحقبةٍ جديدة.

إنَّ ثورةَ الجامعات هذه أحدثَت تغييراً في الوعي لا رجوع عنه، وهو تحَرّرُ عقولِ جيلِ الشبابِ الأمريكي من سرديةٍ سادَت لعقوداً عدّة عن المظلومية، وأنها واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق.
“فإسرائيلُ” هُزمَت وأمريكا تغيّرَت، والثمنُ هو الكمُّ الكبيرُ من الدماءِ التي لم تذهب هدراً.

لا تستهينوا بما يجري فهؤلاءِ الشبابُ يقولون اليوم ما لم يجرؤ أحدٌ على قولِه من قبل ولعقودٍ مضَت، إنّه التحرّرُ من الخدعة.)
……………….

وتأكيداً لكلِّ ما ذكرناه في المقالِ فقد تم إجراءُ استطلاعٍ للرأي على منصةِ تيك توك منذُ عدة أيام كانت نتجته اقتناع من شملهم الاستطلاع أنَّ “إسرائيل” على مدارِ السنينَ السابقةَ هي سببُ ماحصل في 7 اكتو.بر.
وهذا بحدِّ ذاتهِ تحوُّلٍ نوعيٍ.

ووفقاً لصحيفة “ذا هيل الأمريكية” حقق هاشتاغ “الحرية لفلسطين” /31/ مليار مشاركة، مقارنة /590/ مليون لمن شاركوا منشور يدعم “إ.سرائيل”
وهذا يعني أن “إسرائيل” قد خسرت الحرب فعلاً قبلَ أن تنتهي، وقد تخسر جيلاً سيكون صاحب القرار في المستقبلِ القريبِ، وموجِّه دفة الأحداث عربياً ودولياً، جيلاً سيغِّير الكثير، إن أحسنَ العرب استثمار الفرصة بشرح قضاياهم العادلة…
فهل يستثمر العرب الفرصة…؟

د. المختار 5.6.2024

مواضيع ذات صلة: