أكثر من 110 مليون دولار سُرِقت من بنكيْن.. العدوان دمرّ مئات المواقع الأثريّة والتاريخيّة.. الكيان يسرق جثامين الشهداء بصفته أكبر بنك جلود بالعالم
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
الجيش الذي كان يتباهى أمام ما يُسمّى بالعالم الحر، ويسوّق زورًا وبهتانًا أنّه الجيش الأكثر أخلاقيّةً في العالم، أكّد للعالم بأسره خلال الأشهر الماضية، بأنّه من أكثر الجيوش وحشيّةً، وعلاوة على ذلك، فإنّه في الآونة الأخيرة تبيّن بأنّ جنوده يقومون بأداء دور اللصوص، بما يشبه كثيرًا ما كانت كتب التاريخ الحديث لمنطقتنا عن سرقات لعناصر جيش الاحتلال خلال احتلالهم لفلسطين عام 1948 ولاحقًا للبنان عام 1982.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر، في حيّ الرمال الذي يقع غربي مدينة غزة، استعرض الجنديّ الإسرائيلي أهارون رافائيل عبر هاتفه، ما استطاع سرقته من صيد ثمين بعد أنْ نهب أحد البيوت المدمّرة هناك، وسرق مجوهرات أصحابه وحاجاتهم.
ولم تكن سرقة رافائيل هي الوحيدة، بل سبق ونشر جنود إسرائيليون في غزة العديد من الفيديوهات التي ظهروا خلالها وهم يحاولون سرقة خزنة داخل أحد البيوت الفلسطينية، واستعراضهم لما حصلوا عليه من جواهر وغيرها الكثير.
وتحت ذريعة محاربة الإرهاب، صادر جيش الاحتلال أكثر من 60 مليون دولار من غزة، بالإضافة إلى الاستيلاء على 54.3 مليون دولار من بنك فلسطين، وهو ما يشكّل جريمة حرب.
أمّا سرقة الآثار، فكما كان وزير الأمن الإسرائيليّ الأسبق موشيه ديّان وغيره من قادة الكيان مهتمين جدًا بذلك، فإنّ هذه المعركة كشفت عن حالات سرقة لآثار أيضًا. عندما كشف المختص بالآثار فضل العطل من غزة، عن سيطرة جنود الاحتلال على وثائق ومقتنيات أثرية من داخل منزله ومخزن للآثار بعهدته.
وفي نفس السياق اتهمت منظمة حقوقية إسرائيلية وناشطون حقوقيون وسياسيون ومختصون مهنيون في الكيان، بتدمير ممنهج للعديد من المواقع الأثرية في غزة، وبسرقة بعضها.
وقالت منظمة (عمق شبيه) الإسرائيلية التي تتخصص بشؤون الآثار، إنّ العدوان الأمريكيّ الإسرائيليّ على غزة أدى إلى تدمير مئات المواقع الأثرية والتاريخية داخل القطاع، مشيرةً إلى أنّه لا يُسمح لإسرائيل الاستيلاء على قطعة واحدة من الآثار الموجودة في غزة، التي “تعود ملكيتها لشعب غزة”.
وقد جاء تصريح هذه المنظمة بعدما انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل يُظهر جنودًا إسرائيليين في موقع أثري بغزة، بصحبة موظف تابع لسلطة الآثار الإسرائيلية.
هذه الجريمة هي بنظر الكثيرين بمثابة امتدادٍ لجرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال في غزة وانتهاكًا لاتفاقيتيْ جنيف ولاهاي، وطالبوا بتضمينها بنود الشكوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا ضدّ إسرائيل، أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.
وسبق للمكتب الإعلامي الحكوميّ في غزة أنْ حذّر من أنّ إسرائيل استهدفت ودمّرت أكثر من 200 موقع أثري وتراثي من أصل 325 موقعًا في القطاع، مع التشديد على أنّ غزة تعدّ من مدن العالم القديمة، الغنية بالآثار والتراث، حيث خضعت لحكم الفراعنة، والإغريق، والرومان، والبيزنطيين، ثم العهد الإسلامي.
أما الأكثر وحشية، فهو ما كشف عنه المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أيضًا في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، عندما قامت إسرائيل بسرقة أعضاء من جثامين شهداء فلسطينيين شمالي القطاع، بعد أنْ سلَّم جيش الاحتلال نحو 80 جثة عبر معبر كرم أبو سالم، كان احتجزها لفترة خلال عدوانه على غزة، والتي تبيّن بعد معاينتها أنّ ملامح الشهداء متغيرة جدًا، بما يشير بشكل واضح إلى سرقة الاحتلال لأعضاء حيوية من أجسادهم.
وأشار المكتب الإعلامي إلى أنّ الاحتلال سلّم الجثامين مجهولة الهوية، ورفض تحديد أسماء هؤلاء الشهداء، وما سرقه منها من أعضاء.
وقد قيل في هذا السياق إنّ إسرائيل تقوم منذ عقود بهذا النوع من السرقات، كونها تمتلك أكبر بنك جلود في العالم، وهو منشأة طبية تخزن الجلود البشرية لاستخدامها لاحقًا في معالجة الحروق والسرطانات الجلدية.
وكانت النيابة العامة الإسرائيليّة قد قدمت أخيرًا لائحة اتهام ضدّ إسرائيلي انتحل شخصية مقاتل وشرطي وسرق وذخيرة ومعدات عسكرية من منطقة القتال في غزة.
ووفقًا للائحة الاتهام فإنّه منذ السابع من أكتوبر الماضي تظاهر المدعو روعي يفراح بأنّه عنصر في الجيش الإسرائيلي، حتى أنّه استغل زيارة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، للجنود في غزة، والتقط صورة معه.
ودخل يفراح القواعد العسكرية دون مراقبة، ومكّنه انتحاله لشخصية مقاتل ورجل (شاباك) من الوصول إلى الأسلحة بسهولة، فسرق كميات كبيرة من الذخائر وأجهزة الاتصال، واستولى كذلك على زي عسكر وطائرة مسيّرة، وعند اعتقاله كان يخزن في سيارته سلاحًا وفي شقته وشقة والدته.
وتشمل لائحة الاتهام ضده جرائم سرقة أسلحة وذخائر، والحصول على شيء بطريق الاحتيال في ظروف مشددة.
وتنعكس الظروف المشددة في أنّه “خلال حالة الطوارئ التي تعيشها دولة إسرائيل، قدّم المتهم نفسه كمقاتل ويشغل مناصب في الأجهزة الأمنية والوحدات الخاصة، من أجل سرقة كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر والمعدات، التي نقصت من كمية أسلحة الجيش الإسرائيلي والشرطة”، طبقًا لما جاء بلائحة الاتهام.