بيان بشأن إبادة المدنيّين اللبنانيّين بذريعة قتل مستهدفين

بيان بشأن إبادة المدنيّين اللبنانيّين بذريعة قتل مستهدفين
يبيد العدو الصهيونيّ العشرات من المدنيّين رجالًا ونساءً وأطفالًا ورضّعًا، في عمليّات ضدّ من يظنّ أنّهم مقيمون في أوساطهم. وهذا الأمر، كما يمارسه في غزّة في محاولات الاغتيال كتلك التي ادّعى فيها أنّه يستهدف أحد مسؤولي حركة حماس، فقتل ما لا يقل عن 90 فلسطينيًّا وإصاب 300 على الأقلّ؛ يمارسه في لبنان، ففي آخر محاولة زعم فيها أنّه يستهدف أحد كوادر حزب الله، قتل وجرح ما يزيد على مايتي مدنيّ. وفي عمليّة اغتيال سابقة أقدم على نسف ستّ بنايات ضخمة وألحق أضرارًا بأربعٍ أخرى، وفي حالات كثيرة كان طيرانه يمنع رجال الدفاع المدنيّ والإسعاف من القيام بواجباتهم، بل ويستهدفهم حتّى قتل العشرات منهم.
هذه الارتكابات اعتاد عليها العدوّ الصهيونيّ منذ أن كان مجرّد عصابات، واستمرّ إلى اليوم؛ فقتل مئات الكوادر سياسيّين وعسكريّين وعلماء… في عمليّات غدر لا تلتزم بأيّ معايير أخلاقيّة أو قانونيّة.
إنّ أفعال العدوّ هذه لا سيّما التي ينفّذها في لبنان، وكذلك في فلسطين، بالاغتيال، من جهة، وبقتل المدنيّين، من جهة أخرى، تشكّل جرائم موصوفة في القانون الدوليّ الانسانيّ، فهي تخرق اتّفاقيّة جنيف الرابعة كما تخرق البروتوكول الأول الملحق باتّفاقيّات جنيف لسنة 1949، وخاصّة القواعد الآتية:
المــادّة 48 : “تعمل أطراف النزاع على التمییز بین السكّان المدنیّین والمقاتلین وبین الأعیان المدنیّة والأھداف العسكریّة، ومن ثمّ توجّه عملیاتھا ضدّ الأھداف العسكریّة دون غیرھا، وذلك من أجل تأمین احترام وحمایة السكّان المدنییّن والأعیان المدنیّة.” وقد رأينا أنّ العدوّ لا يميّز في استهدافاته بين مدنيّ وعسكريّ.
المــادّة 51 1. . “يتمتّع السكّان المدنيّون والأشخاص المدنيّون بحماية عامّة ضدّ الأخطار الناجمة عن العمليّات العسكريّة … فلا يجوز أن يكون السكّان المدنيّون بوصفهم هذا وكذا الأشخاص المدنيّون محلّا للهجوم”.
المــادّة 52- 1. “لا تكون الأعيان المدنيّة محلاّ للهجوم أو لهجمات الردع.
3. . إذا ثار الشكّ حول ما إذا كانت عين ما تكرّس عادة لأغراض مدنية … إنما تستخدم في تقديم مساهمة فعّالة للعمل العسكريّ، فإنّه يفترض أنّها لا تستخدم كذلك”، بل يجب أن تعدّ في هذه الحالة أعيانًا مدنيّة، لكنّ العدوّ لا يكترث بذلك، وهو يهاجم المدنيّين والسكّان المدنيّين ويدمّر أرزاقهم انتقامًا بسبب تأييدهم المقاومة.

المــادّة 57 : 1. . تبذل رعاية متواصلة في إدارة العمليّات العسكريّة، من أجل تفادي السكّان والأشخاص المدنيّين والأعيان المدنيّة.
2. . تتّخذ الاحتياطات التالية فيما يتعلّق بالهجوم:
(أ) يجب على من يخطّط لهجوم أو يتّخذ قرارًا بشأنه:
أوّلًا: أن يبذل ما في طاقته عمليّا للتحقّق من أنّ الأهداف المقرّر مهاجمتها ليست أشخاصًا مدنيّين أو أعيانًا مدنيًة، وأنّها غير مشمولة بحماية خاصّة، ولكنّها أهداف عسكريّة… ومن أنّه غير محظور مهاجمتها بمقتضى أحكام هذا الملحق “البروتوكول”.
ثانيا: أن يتّخذ جميع الاحتياطات المستطاعة عند تخيّر وسائل وأساليب الهجوم من أجل تجنّب إحداث خسائر في أرواح المدنيّين، أو إلحاق الإصابة بهم أو الإضرار بالأعيان المدنيّة، وذلك بصفة عرضيّة، وعلى أيّ الأحوال حصر ذلك في أضيق نطاق.
ثالثا: أن يمتنع عن اتّخاذ قرار بشنّ أيّ هجوم يتوقّع منه، بصفة عرضيّة، أن يحدث خسائر في أرواح المدنيّين أو إلحاق الإصابة بهم أو الإضرار، مما يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكريّة ملموسة ومباشرة.
(ب) يلغي أو يعلّق أيّ هجوم إذا تبيّن أنّ الهدف ليس هدفًا عسكريًّا أو أنّه مشمول بحماية خاصّة أو أنّ الهجوم قد يتوقّع منه أن يحدث خسائر في أرواح المدنيّين أو إلحاق الإصابة بهم. أو الإضرار بالأعيان المدنيّة، أو أن يحدث خلطا من هذه الخسائر والأضرار، وذلك بصفة عرضيّة، تفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكريّة ملموسة ومباشرة.”
إلّا أن العدوّ الصهيونيّ يتعمّد استهداف السكّان والأشخاص المدنيّين بصفتهم مدنيّين وكذلك الأعيان المدنيّة بصفتها تلك.
المادة 59- 1. “يحظر على أطراف النزاع أن يهاجموا بأية وسيلة كانت المواقع المجردة من وسائل الدفاع”.
بينما نرى العدوّ عندما يفشل في الميدان يكثّف غاراته على المدنيّين.
فما هي طبيعة هذه الانتهاكات؟
في نصّ المــادة 85 من البروتوكول الأوّل : 3 . تعدّ الأعمال التالية… بمثابة انتهاكات جسيمة لهذا الملحق “البروتوكول” (وبالتالي تشكّل جرائم حرب- م 8 من نظام روما) إذا اقتُرفت عن عمد، مخالِفةً للنصوص الخاصة بها في هذا اللحق “البروتوكول”، وسبّبت وفاة أو أذى بالغًا بالجسد أو بالصحّة:
(أ) جعل السكّان المدنيّين أو الأفراد المدنيّين هدفًا للهجوم،
(ب) شنّ هجوم عشوائيّ، يصيب السكّان المدنيّين أو الأعيان المدنيّة عن معرفة بأنّ مثل هذا الهجوم يسبّب خسائر بالغة في الأرواح، أو إصابات بالأشخاص المدنيّين أو أضرارًا للأعيان المدنيّة …”
أمّا في الحالات التي لا تعالجها النصوص القانونيّة “فیظلّ المدنیّون والمقاتلون… تحت حمایة وسلطان مبادئ القانون الدوليّ كما استقرّ بھا العرف ومبادئ الإنسانیّة وما یملیه الضمیر العامّ”.( م 1/2)
إنّ هذه الارتكابات تشكّل جرائم حرب في نظر القانون الدوليّ، كما بيّنّاه أعلاه.
كما تشكّل جرائم ضدّ الإنسانيّة قائمة على القتل العمد والإبادة، و”ترتكب في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجيّ موجّه ضدّ مجموعة من السكّان المدنيّين، وعن علم بالهجوم”، كما تقضي المادّة السابعة من نظام روما للمحكمة الجنائيّة الدوليّة.
إنّ واجب المجتمع الدوليّ أن يعمل “على قمع الانتهاكات الجسيمة (التي يرتكبها العدوّ الصهيونيّ) واتّخاذ الإجراءات اللازمة لمنعه من التمادي في ارتكاب الانتهاكات الأخرى للاتّفاقيّات و(للبروتوكول الأوّل)”(م 86/1)، ويحمّله المسؤوليّة عن هذه الانتهاكات (91).
من هنا فإنّنا نعوّل على أحرار أمّتنا وشرفاء العالم كي يقوموا بواجباتهم في ردع العدوّ الصهيونيّ عن الاغتيال وإبادة المدنيّين والتمادي في خرق القوانين الإنسانيّة الملزمة.

مواضيع ذات صلة: