كشف أطباء وممرضون أميركيون من المتطوعين لتقديم المساعدة الطبية للفلسطينيين في قطاع غزة أن «عدد المدنيين الذين قتلهم جيش الاحتلال في قطاع غزة بلغ حتى الآن مئة وعشرين ألفا»، وجاء في المجلة الإلكترونية الأميركية «أنتي وور» في الثالث من تشرين الجاري أن تقريراً وقع عليه 99 طبيباً وممرضاً من الأميركيين المتطوعين في قطاع غزة المختصين بالعناية الطبية أكدوا فيه هذا العدد من الشهداء الذي يشكل 5,4 بالمئة من سكان القطاع، وبعثوا في يوم الثالث من تشرين الجاري نفسه برسالة مفصلة للرئيس الأميركي جو بايدين يكشفون فيها كل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في القطاع ويطالبونه بإنهاء أي دعم أميركي لإسرائيل.
وزارة الصحة في قطاع غزة كانت قد قدرت عددهم بواحد وأربعين ألفاً في حين هم ثلاثة أضعاف هذا الرقم، فما بالك بالجرحى الذين عادة ما يكون عددهم ثلاثة أضعاف الشهداء، وهذا يعني أن جيش الاحتلال قتل وجرح في حربه على الشعب الفلسطيني نصف مليون من الفلسطينيين أي 20 بالمئة من فلسطينيي القطاع، وهي أكبر حرب إبادة تقع خلال سنة فقط في تاريخ العالم، أما الأحياء الذين لم يصابوا بجراح فيقول تقرير الموظفين الأميركيين المتطوعين: إن «كل طفل يقل عمره عن خمس سنوات يعاني السعال والإسهال المائي»، ووثق كل موظف طبي متطوع في التقرير «شهادته الحية على أن كل طفل كان يجري استهدافه للقتل بشكل متعمد من قبل جيش الاحتلال».
ويضيف: «شاهد كل منا يومياً كأطباء وممرضين متطوعين أميركيين في أقسام الطوارئ والإسعاف والعناية الفائقة والجراحة للمصابين الأطفال إصاباتهم بطلقات في الصدر أو الرأس يومياً ومن المستحيل القول: إن هذه الإصابات جرت بالمصادفة بل كانت متعمدة»، واستشهد الأطباء في رسالتهم بما جاء على لسان جراح العظام الطبيب مارك بيلموتير حين قال: «في غزة كان قدري أن أحمل بيدي دماغ طفل هو واحد من الكثيرين من الأطفال الذين سحقت أدمغتهم».
وجاء في التقرير أن «الأطفال الذين يولدون حديثاً في القطاع يموتون فوراً بسبب حصار الجيش الإسرائيلي للمستشفيات وتشهد الممرضات في قسم الولادة أنهن يشاهدن يومياً أطفالاً يموتون بعد أن تلدهم أمهاتهم بصحة جيدة لكن نقص الغذاء وقلة الماء وعدم قدرة أمهاتهم على إرضاعهم يجعلهم يموتون بسرعة».
ولكي تزداد الصعوبات والمأساة، أشار التقرير إلى حقيقة أن جيش الاحتلال «كان يقوم باعتقال الأطباء والممرضين الفلسطينيين ولا يفرج عنهم إلا بعد تعذيب واستجواب فتخسرهم المستشفيات أثناء اعتقالهم»، ويشير التقرير إلى أن هؤلاء التسعة والتسعين طبيباً وممرضاً أميركياً قضوا في عملهم في القطاع 254 يوماً في العيادات والمستشفيات وما بقي منها صالح وغير مدمر، ويفندون في رسالتهم ادعاءات الاحتلال بوجود مسلحين في المستشفيات أو العيادات أو مخازن أسلحة، ويؤكدون أنهم لم يروا أي مسلح فلسطيني يستخدم المستشفى أو العيادة كموقع له ولم يروا أي أسلحة في أي مستشفى، ويذكر أن الكيان الإسرائيلي رفض دخول أي بعثة من الأمم المتحدة إلى قطاع غزة بل اتهم أمين عام الأمم المتحدة بالإرهاب وحظر أي زيارة له للأراضي المحتلة ووصفه بالشخصية غير المرغوب بها عند إسرائيل وهذا الوصف والإجراء ضد الأمم المتحدة غير مسبوق بتاريخها، فهل تطلب الأمم المتحدة من 99 طبيباً وممرضاً أميركياً الإدلاء بشهاداتهم أمامها وهم الذين شهدوا ما وقع من جرائم حرب ووحشية لم يعرفها تاريخ الدول الاستعمارية خلال 254 يوماً من وجودهم شهود عيان في قلب قطاع غزة، وهم أميركيون دولتهم كبرى وحليفة لإسرائيل وليسوا عرباً أو فلسطينيين لكي ترفض إسرائيل حقهم في الإدلاء بشهاداتهم؟ ثم ألا يستحق هؤلاء منا عرباً ومسلمين ودولاً حرة، أوسمة إنسانية عالمية تقديراً لجرأتهم في قول الحقيقة وفي دفاعهم عنها؟