تعد الممارسات الصهيونية في فرض الحصار على غزة ومنع دخول المساعدات الإنسانية انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني، التي تكرست في اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية.
ووفقاً للمادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول، يُحظر استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، كما تحظر المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة جميع أشكال العقاب الجماعي، بالتالي، إن استهداف شاحنات المساعدات الإنسانية وعرقلة توزيع الإغاثة يشكلان انتهاكاً مباشراً للمادة 70 من البروتوكول الإضافي الأول التي تلزم الأطراف المتنازعة بتسهيل مرور الإغاثة الإنسانية دون عوائق، وفي ضوء هذه المعايير القانونية، يتعين على المجتمع الدولي اتخاذ تدابير حازمة لضمان التزام جميع الأطراف بالقانون الدولي الإنساني وحماية حقوق المدنيين في غزة.
وفي هذا السياق، ذكرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن “حجم القيود المستمرة التي يفرضها الكيان الصهيوني على دخول المساعدات إلى غزة، إلى جانب الطريقة التي تواصل بها العمليات العدائية، قد يصل إلى حد استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وهي جريمة حرب، هذا التصريح يشير إلى أن الإجراءات الإسرائيلية، التي تشمل الحصار والتضييق على دخول المساعدات الإنسانية، قد تتجاوز مجرد فرض قيود أمنية لتصل إلى انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني، بالتالي، تعتبر جريمة التجويع واحدة من أكثر الجرائم فظاعة في إطار القانون الدولي، وقد حظرها البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1949 في المادة 54، إذ ينص هذا البروتوكول على أنه يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، سواء كان ذلك عبر تدمير المواد الغذائية أو وسائل إنتاجها، أو منع إيصال الإمدادات الضرورية لبقاء السكان على قيد الحياة، من هنا يمكن القول بأن استمرار الكيان الصهيوني في فرض قيود صارمة على دخول المساعدات إلى غزة، خصوصاً تلك التي تؤثر على الغذاء والدواء، يرقى إلى مستوى استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين.
بالإضافة إلى ذلك، يُعَدّ الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007 شكلاً من أشكال العقاب الجماعي، وهو محظور بموجب القانون الدولي، حيث تؤكد المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن فعل لم يقم بارتكابه شخصياً، وهذا يشمل جميع أشكال العقاب الجماعي والتدابير التهديدية أو الإرهاب.
وبالنظر إلى الوضع الإنساني في غزة، الذي يتسم بنقص حاد في الغذاء، والماء، والخدمات الطبية الأساسية، فضلاً عن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، يمكن فهم القلق الدولي المتزايد بشأن السياسات الصهيونية تجاه القطاع، إذ أن تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى تشير إلى أن الظروف المعيشية في غزة قد تدهورت بشكل خطير نتيجة للقيود المستمرة، ما أدى إلى أزمة إنسانية مستمرة، ومن الناحية القانونية، تُعَدّ هذه الإجراءات انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، ويمكن تصنيفها كجرائم حرب إذا تم إثبات أن الهدف منها هو التجويع والتسبب في معاناة المدنيين، كما يتطلب القانون الدولي من الدول الأطراف في النزاع احترام وحماية حقوق المدنيين وتوفير الحماية اللازمة لهم، حتى أثناء النزاعات المسلحة.
بالتالي، يمكن القول بأن السياسات والممارسات الصهيونية في غزة، بما في ذلك الحصار وفرض القيود على دخول المساعدات الإنسانية، تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، إذا ثبت أن هذه الإجراءات تهدف إلى تجويع السكان المدنيين، فإنها تشكل جريمة حرب تتطلب المساءلة والمحاسبة بموجب القانون الدولي، لذا، يجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات فعالة لضمان رفع الحصار وتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية للمدنيين في غزة، بالإضافة إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
وقد وصفت منظمة الصحة العالمية الحصار الصهيوني بأنه “حملة قاسية” موجهة “ضد جميع سكان غزة”، وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن الكيان الصهيوني “يستخدم المجاعة كوسيلة للحرب”، ففي مارس 2023، أصدر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، ومفوض الأزمات في الاتحاد الأوروبي يانيز لينارسيتش، بياناً مشتركاً حذروا فيه من أنه “لا يمكن استخدام الجوع كسلاح حرب، ما نراه ليس خطراً طبيعياً بل كارثة من صنع الإنسان، ومن واجبنا الأخلاقي أن نوقفه”.
إن هذه التصريحات من قبل منظمات دولية بارزة تعكس القلق العميق بشأن الأوضاع في غزة وتثير تساؤلات جدية حول التزام الكيان الصهيوني بالقانون الدولي الإنساني، ووفقاً لتقارير متعددة، فإن القيود المفروضة على غزة تؤدي إلى نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، وتفاقم الوضع الصحي والإنساني لسكان القطاع، يضاف إلى ذلك التدمير المتكرر للبنية التحتية المدنية خلال العمليات العسكرية، مما يزيد من صعوبة الحياة اليومية للسكان المدنيين، كما تعزز هذه الإجراءات من تصنيف الحصار كعقاب جماعي، وهو محظور بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تمنع معاقبة الأفراد عن أفعال لم يقوموا بها شخصياً.
ومن الجدير بالذكر أن استخدام التجويع كوسيلة للحرب ليس فقط جريمة بموجب القانون الدولي الإنساني، بل هو أيضاً جريمة ضد الإنسانية يمكن أن تترتب عليها مسؤولية قانونية فردية للمسؤولين عنها، بالإضافة إلى ذلك، إن المحكمة الجنائية الدولية، التي لديها اختصاص النظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، قد تكون المحفل المناسب لمحاسبة المسؤولين عن هذه الأفعال إذا ما توفرت الأدلة الكافية، كما تؤكد هذه التصريحات والدعوات الدولية على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات فورية لرفع الحصار عن غزة وتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية دون عوائق، كما تعكس المسؤولية الأخلاقية والقانونية للمجتمع الدولي في التحرك لإنهاء هذه الأزمة الإنسانية التي هي من صنع الإنسان، كما ذكر المسؤولون الأوروبيون، بالتالي إن استمرار الوضع الراهن دون تدخل دولي فعّال يعزز من تدهور الأوضاع ويعمق من معاناة المدنيين، مما يستدعي تدخلاً قانونياً وإنسانياً عاجلاً.
بالتالي، تعكس السياسات الصهيونية في غزة، كما وصفتها منظمات دولية مختلفة، انتهاكاً كبيراً للقانون الدولي الإنساني يمكن تصنيفها كجرائم حرب كما يجب على المجتمع الدولي ليس فقط إصدار البيانات والاستنكارات، بل اتخاذ خطوات ملموسة لرفع الحصار وتقديم الدعم الإنساني الضروري، كما يتعين على الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف الوفاء بالتزاماتها لحماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات لضمان العدالة ومنع تكرار مثل هذه الأفعال في المستقبل.
على سبيل المثال، في 9 أكتوبر 2023، شدد الكيان الصهيوني حصاره المستمر منذ 16 عاماً على غزة إلى حصار شامل، ومنع دخول الغذاء والمياه والوقود، وقطع الكهرباء، وفي 11 أكتوبر 2023، قطعت السلطات الصهيونية الكهرباء عن غزة، ومنذ ذلك الحين يعيش الفلسطينيون في ظل انقطاع التيار الكهربائي، مع نفاد الوقود من محطة الطاقة الوحيدة في القطاع، بالتالي، إن تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة بسبب هذه الإجراءات يثير القلق الدولي. تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان تشير إلى نقص حاد في الغذاء والماء والخدمات الطبية الأساسية، ما يؤدي إلى تدهور الوضع الصحي وزيادة معدلات الفقر والبطالة، هذا الوضع يعزز من التوصيف القانوني للحصار كعقاب جماعي، وهو محظور بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تمنع معاقبة الأفراد على أفعال لم يرتكبوها شخصياً.
وهذا يعني أن تصعيد الحصار الصهيوني على غزة في أكتوبر 2023 يمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني ويمكن اعتباره جريمة حرب، كما يجب على الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف اتخاذ خطوات ملموسة لحماية المدنيين في غزة وضمان وصول المساعدات الإنسانية اللازمة، حيث تتطلب هذه الأزمة الإنسانية من المجتمع الدولي العمل بجدية لإنهاء الحصار ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات لضمان العدالة وحماية حقوق الإنسان في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، كانت الإغاثة الإنسانية في غزة محدودة وغير كافية إلى حد كبير، ففي 15 أكتوبر 2023، استأنف الكيان الصهيوني إمداد بعض المناطق في جنوب غزة بالمياه، وسمح بدخول مساعدات إنسانية محدودة عبر معبر رفح الحدودي في 21 أكتوبر 2023، ومع ذلك، تم قطع وصول المساعدات إلى الشمال إلى حد كبير، باستثناء التوقف القصير الذي سمح بتوصيل بعض الدقيق للسكان، فقد قدّرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنه سُمح لـ 9,800 شاحنة مساعدات إنسانية فقط بدخول غزة بين 21 أكتوبر 2023 و1 فبراير 2024، بمتوسط 94.5 شاحنة يومياً، أما في أبريل 2024، بلغ متوسط العدد اليومي للشاحنات التي تدخل غزة 190 شاحنة، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى الذي حددته الأمم المتحدة وهو 500 شاحنة مساعدات يومياً.
بالتالي، إن هذه الأرقام تعكس نقصاً حاداً في تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية لسكان غزة، الذين يعانون من نقص في الغذاء والماء والدواء، فضلاً عن الخدمات الأساسية الأخرى. يستمر الحصار الإسرائيلي على غزة في إحداث أزمة إنسانية حادة، حيث لا تكفي المساعدات المحدودة لتلبية الاحتياجات اليومية لنحو مليوني نسمة يعيشون في القطاع، ومن منظور قانوني، يشكل هذا الوضع انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، خاصة المواد المتعلقة بحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة وتوفير المساعدات الإنسانية، حيث تُلزم اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولات الملحقة بها الأطراف المتنازعة بتيسير مرور الإغاثة الإنسانية دون عوائق إلى السكان المدنيين المحتاجين، كما يحظر القانون الدولي استخدام الحصار كوسيلة لفرض العقوبات على المدنيين، وهو ما يعتبره العديد من الخبراء والمنظمات الدولية شكلاً من أشكال العقاب الجماعي المحظور.
بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من استئناف إمداد بعض المناطق بالمياه والسماح بدخول مساعدات محدودة، فإن القيود المفروضة على دخول المساعدات إلى شمال غزة تجعل من الصعب تحسين الوضع الإنساني بشكل ملموس، إذ تشير التقارير إلى أن الكميات المحدودة من المساعدات التي يتم السماح بدخولها لا تكفي لسد الاحتياجات الأساسية للسكان، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، وفي هذا السياق، إن مسؤولية المجتمع الدولي في هذا السياق تتجاوز مجرد الدعوة إلى رفع الحصار، بل يجب أن تشمل الجهود الدولية تقديم الدعم اللوجستي والمالي لزيادة حجم المساعدات الإنسانية وضمان وصولها إلى جميع المناطق المتضررة دون تمييز، كما يتعين على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتخاذ خطوات فعالة لضمان التزام الكيان الصهيوني بالقانون الدولي الإنساني وإنهاء الحصار غير القانوني المفروض على غزة.
ويستمر الحصار الصهيوني على غزة في خلق أزمة إنسانية حادة تتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً، بالتالي إن استئناف إمداد بعض المناطق بالمياه والسماح بدخول مساعدات محدودة لا يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، يتعين على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لضمان وصول المساعدات الإنسانية الكافية إلى غزة، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني لضمان العدالة وحماية حقوق الإنسان في المنطقة.
وعلى الرغم من تنسيق جميع التحركات مع الكيان الصهيوني، فقد تعرضت شاحنات المساعدات الإنسانية التابعة للأونروا لأضرار بسبب الهجمات الصهيونية، وعلق الأمين العام بأن الكثيرين يقيسون فعالية العملية الإنسانية في غزة على أساس عدد الشاحنات، لكنه أشار إلى أن هذا النهج غير صحيح، حيث أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الطريقة التي يدير بها الكيان الصهيوني هذا الهجوم والتي تخلق عقبات هائلة أمام توزيع المساعدات الإنسانية داخل غزة.
كما تعرقل هذه الهجمات المتعمدة والمنهجية الجهود الإنسانية الدولية وتفاقم الأوضاع الكارثية في غزة، إذ يعد استهداف شاحنات المساعدات، حتى مع التنسيق المسبق، انتهاكاً خطيراً لمبادئ القانون الدولي الإنساني التي تفرض على الأطراف المتنازعة احترام وتيسير عمل الوكالات الإنسانية وضمان سلامة مرور المساعدات إلى المدنيين المحتاجين، كما يعد هذا السلوك انتهاكاً لاتفاقيات جنيف التي تحظر الهجمات على الأهداف الإنسانية وتلزم بتوفير الحماية اللازمة للعاملين في مجال الإغاثة.
بالإضافة إلى ذلك، تشكل هذه العراقيل المتعمدة جزءاً من نمط أوسع للقيود التي يفرضها الكيان الصهيوني على دخول المساعدات وتوزيعها داخل القطاع، ووفقاً لتقارير متعددة، تشمل هذه القيود إجراءات بيروقراطية معقدة وتأخيرات طويلة على المعابر الحدودية، مما يؤدي إلى تلف العديد من المواد الغذائية والطبية قبل وصولها إلى المستفيدين، حيث يتسبب هذا في تفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من معاناة السكان المحاصرين.
بالتالي، كما ذكرنا آنفاً، تتطلب هذه الانتهاكات تدخلاً دولياً عاجلاً لضمان حماية العملية الإنسانية وتقديم المساعدات بشكل فعال إلى غزة، كما يجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، ممارسة الضغط على الكيان الصهيوني للالتزام بالتزاماتها القانونية الدولية وتيسير مرور المساعدات دون عوائق. كما ينبغي تفعيل آليات المحاسبة الدولية لضمان عدم الإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات الصارخة، وفي هذا السياق، يجب إعادة النظر في تقييم فعالية العمليات الإنسانية ليس فقط بناءً على كمية المساعدات التي تدخل غزة، ولكن أيضاً على مدى وصولها الفعلي إلى المستفيدين ومدى تأثيرها في تحسين الظروف المعيشية، إن ضمان وصول المساعدات إلى جميع المناطق المتضررة دون تمييز هو المفتاح للتخفيف من معاناة السكان وتحقيق العدالة الإنسانية.
وفي ضوء القانون الدولي الإنساني، تُعد الممارسات الصهيونية في فرض الحصار على غزة وعرقلة دخول وتوزيع المساعدات الإنسانية انتهاكاً واضحاً لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية، حيث تنص المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول على حظر استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، بينما تحظر المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة جميع أشكال العقاب الجماعي، كما تُلزم المادة 70 من البروتوكول الإضافي الأول الأطراف المتنازعة بتسهيل مرور الإغاثة الإنسانية دون عوائق، بالتالي إن استمرار هذه الانتهاكات يستدعي استجابة دولية فورية وفعالة لضمان احترام المعايير القانونية الدولية وحماية حقوق المدنيين في غزة. يتوجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات ملموسة لضمان التزام جميع الأطراف بالقانون الدولي الإنساني ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات لضمان العدالة وتحقيق الأمن والاستقرار الإنساني في المنطقة.
عبدالعزيز بن بدر القطان / مستشار قانوني – الكويت